للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابِ رَسولِ اللهِ ، فلَم يُنكِرْه عليهِ مِنهم مُنكِرٌ، فدَلَّ تَركُهم النَّكيرَ في ذلكَ عليه أنَّ مَذهبَهُم فيه كمَذهبِه (١).

الموضِعُ الثاني: هل تَجبُ للمُطلَّقةِ الثَّلاثِ النَّفقةُ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُطلَّقةِ البائِنةِ والثَّلاثِ هل تَجبُ لها النَّفقةُ في مُدةِ العدَّةِ أم لا تَجبُ لها النَّفقةُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه يَجبُ لها النَّفقةُ والسُّكنى؛ لقَولِه تعالَى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ [الطلاق: ٦]، وفي قِراءةِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ وَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجْدِكُمْ»، ولا اختِلافَ بينَ القِراءتَينِ، لكنَّ إحداهُما تَفسيرُ الأخرَى، كقَولِه ﷿: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] وقِراءةِ ابنِ مَسعودٍ «أَيْمَانَهُمَا»، وليسَ ذلكَ اختِلافَ القَراءةِ، بل قِراءتُه تَفسيرُ القِراءةِ الظاهرةِ، كذا هذا.

ولأنَّ الأمرَ بالإسكانِ أمرٌ بالإنفاقِ؛ لأنها إذا كانَتْ مَحبوسةً مَمنوعةً عن الخُروجِ لا تَقدرُ على اكتِسابِ النَّفقةِ، فلو لم تَكنْ نَفقتُها على الزَّوجِ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «التجريد» للقدوري (١٠/ ٥٣٩٥، ٥٣٩٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٢، ٢٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٧١)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٢٤٦، ٢٤٨)، و «البيان» (١١/ ٥٠، ٥١)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٩٥، ٩٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٦٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١١٠)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>