قالَ في «الدُّر المُختَار»: (شَرطُ الواقفِ كنَصِّ الشَّارِعِ): أي: في المَفهومِ والدِّلالةِ ووَجوبِ العملِ به، فيَجبُ عليه خِدمةُ وَظيفتِه أو تَركُها لمَن يَعملُ وإلَّا أَثِمَ، لا سِيَّما فيما يَلزمُ بتَركِها تَعطيلُ الكُلِّ.
وقد أفاضَ ابنُ عابدِينَ ﵀ في شَرحِ هذه العِبارةِ، فقالَ: قَولُه: (قَولُهم: شَرطُ الواقفِ كنَصِّ الشَّارعِ): في «الخيرِيَّة» قد صَرَّحُوا بأنَّ الاعتِبارَ في الشُّروطِ لِما هو الواقِعُ لا لِما كُتِبَ في مَكتوبِ الوَقفِ، فلو أُقيمَتْ بَيِّنةٌ لِما لم يُوجَدْ في كِتابِ الوَقفِ عُمِلَ بها بلا رَيبٍ؛ لأنَّ المَكتوبَ خَطٌّ مُجَرَّدٌ، ولا عِبرةَ به؛ لخُروجِهِ عن الحُجَجِ الشَّرعيةِ. اه (ط)
مَطلَبٌ: بَيانُ مَفهومِ المُخالَفةِ:
قَولُه:(أي: في المَفهومِ والدِّلالةِ … إلخ): كذا عبَّرَ في «الأَشْباه»، والذي في «البَحْر» عن العَلَّامةِ قاسِمٍ: في الفَهْمِ والدِّلالةِ، وهو المُناسِبُ؛ لأنَّ المَفهومَ عندَنا غيرُ مُعتبَرٍ في النُّصوصِ، والمُرادِ به مَفهومُ المُخالَفةِ المُسمَّى دَليلَ الخِطابِ، وهو أقسامٌ: مَفهومُ الصِّفةِ والشَّرطِ والغايةِ والعَدَدِ واللَّقبِ، أي: الاسمُ الجامِدُ -كثوبٍ مَثلًا-، والمُرادُ بعَدمِ اعتِبارِه في النُّصوصِ أنَّ مِثلَ قَولِكَ:«أَعطِ الرَّجلَ العالِمَ، أو أَعطِ زيدًا إنْ سَألَكَ، أو أَعطِهِ إلى أنْ يَرضَى، أو أَعطِه عَشرةً، أو أَعطِه ثَوبًا» لا يَدُلُّ على نَفيِ الحُكمِ عن المُخالِفِ للمَنطوقِ، بمَعنَى أنه لا يَكونُ مَنهِيًّا عن إعطاءِ الرَّجلِ الجاهِلِ، بل هو مَسكوتٌ عنه وباقٍ على العدمِ الأصليِّ، حتى يَأتِيَ دَليلٌ يَدُلُّ على الأمرِ بإعطائِه أو النَّهيِ عنه، وكذا في البَوَاقي، وتَمامُ الكَلامِ على ذلكَ في كُتبِ الأُصولِ.