اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ استِثناءِ الكَثيرِ مِنْ القَليلِ، كما لو قالَ:«له علَيَّ عَشرةُ دَراهمَ إلا تِسعةً» هل يَصحُّ ويَلزَمُه دِرهَمٌ واحِدٌ أو لا يَصحُّ ويَلزَمُه العَشرةُ؟
رُدُّوا التي نقَصَت تِسعينَ عن مِئةٍ ثم ابعَثوا حَكمًا بالحقِّ قَوالا
ولأنَّ الخارِجَ بالاستِثناءِ غيرُ داخِلٍ في اللَّفظِ ولا مُرادٍ به، فاستَوى حُكمُ قَليلِه وكَثيرِه، وإذا كانَ كذلك قالَ:«له علَيَّ ألفٌ إلا تِسعَمِئةٍ» صَحَّ.
ولأنَّ حَقيقةَ الاستِثناءِ أنْ يَخرُجَ مِنْ الكَلامِ ما لَولاه لوجَبَ تَناوُلُه، هكذا في حَدِّه أهلُ العَربيةِ، ولم يَقصُروا ذلك على أنْ يَكونَ أقَلَّ مما بَقيَ أو أكثَرَ، ولأنَّ الغَرضَ بالاستِثناءِ كأنَّه استِدراكٌ للمُتكلِّمِ على نَفسِه فيما أطلَقَه مِنْ الصِّيغةِ العامةِ، وذلك يَستَوي فيه القَليلُ والكَثيرُ.