للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ السابِعُ: الفَراغُ من الدَّينِ:

وهذا الشَّرطُ مُعتبَرٌ من حيثُ الجُملةُ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والحَنابِلةِ والشافِعي في القَديمِ، وعَبَّر بعضُهم بأنَّ الدَّينَ مانِعٌ من وُجوبِ الزَّكاةِ.

فإنْ كانَ المالِكُ مَدِينًا بدَينٍ يَستغرِقُ نِصابَ الزَّكاةِ أو يُنقِصُه، فإنَّ الزَّكاةَ لا تَجبُ عليه فيه؛ لِمَا رَوى السائِبُ بنُ يَزيدَ قالَ: سَمِعتُ عُثمانَ بنَ عَفانَ يَقولُ: «هذا شَهرُ زَكاتِكُم، فمَن كانَ عليه دَينٌ فليُؤدِّ دَينَه حتى تَحصُلَ أَموالُكم فتُؤدُّونَ منها الزَّكاةَ» وفي رواية: «وزَكُّوا بَقيَّةَ أَموالِكم» (١).

فإنَّه قالَ ذلك بمَحضَرٍ من الصَّحابةِ فلم يُنكِروه، فدَلَّ على اتِّفاقِهم عليه؛ ولقَولِ النَّبيِّ لمُعاذٍ: «أَعلِمهُم أنَّ اللَّهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخَذُ من أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم» (٢)، فدَلَّ على أنَّها إنَّما تَجبُ على الأَغنياءِ ولا تُدفَعُ إلا إلى الفُقراءِ، وهذا ممَّن يَحِلُّ له أخذُ الزَّكاةِ؛ فيَكونُ فَقيرًا، فلا تَجبُ عليه الزَّكاةُ؛ لأنَّها لا تَجبُ إلا على الأَغنياءِ للخبَرِ.

ولأنَّ الزَّكاةَ إنَّما وجَبَت؛ مُواساةً لِلفُقراءِ وشُكرًا لنِعمةِ الغِنى، والمَدينُ مُحتاجٌ إلى قَضاءِ دَينِه كحاجةِ الفَقيرِ أو أشَدَّ، وليسَ من الحِكمةِ تَعطيلُ


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (٥٩٣)، والشافعي في «مسنده» (١/ ٩٧)، وعبد الرازق في «المصنف» (٤/ ٩٢)، وأبو عبيد في «الأموال» (١٢٤٧).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>