للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الرَّابعُ: المشَبَّهُ بهِ:

المَقصودُ بالمُشبَّهِ بهِ الأُمُّ، ويُلحَقُ بها كلُّ مُحرَّمةٍ على التَّأبيدِ بنَسَبٍ أو رَضاعٍ أو صِهرٍ (١)، وللعُلماءِ تَفصيلٌ في ذلكَ، واشتَرطُوا شُروطًا في المُشبَّهِ به أو المُظاهَرِ به، وبَيانُه فيما يلي:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ يَكونَ المشبَّهُ به مِنْ جِنسِ النِّساءِ، فلو قالَ: «أنتِ عَليَّ كظَهرِ أبي» هل يَصحُّ أم لا؟

اشتَرطَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ -وهو قولُ ابنِ حَبيبٍ مِنْ المالِكيةِ- أنْ يكونَ المُشبَّهُ به مِنْ جِنسِ النِّساءِ كالأمِّ والأُختِ، فلو قالَ لها: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أبي، أو ابنِي» لا يَصحُّ الظِّهارُ، قالَ ابنُ قُدامةَ : وهو قولُ أكثَرِ العُلماءِ؛ لأنه تَشبيهٌ بما ليسَ بمَحلٍّ للاستِمتاعِ، أشبَهَ ما لو قالَ: «أنتِ عليَّ كَمالِ زَيدٍ» (٢)، ولأنَّ الظِّهارَ عُرفَ مُوجِبًا للكفَّارةِ بالشَّرعِ، والشرعُ إنَّما ورَدَ بها فيما كانَ المُظاهَرُ بهِ امرَأةً كالأمِّ ومَن جَرى مَجراها مِنْ ذَواتِ المَحارمِ التي لا يَجوزُ لهُ أنْ يَستبيحَ النَّظرَ إلى ظَهرِها بحالٍ، وهوَ يَجوزُ لهُ النَّظرُ إلى ظَهرِ أبيهِ، والأبُ والأجنَبيُّ في ذلكَ سَواءٌ، ولو قالَ: «أنتِ عليَّ كظَهرِ الأجنَبيِّ» لم يَكنْ شيئًا، فكذلكَ ظَهرُ الأبِ وإنْ كانَ ظَهرُه حَرامًا.


(١) «أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (٢/ ١٦٩)، و «القوانين الفقهية» ص (١٦٠)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٠٣).
(٢) «المغني» (٨/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>