للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدةً أو حاشا واحِدةً أو عَدا واحِدةً»، صحَّ استِثناؤُه بهذه الأَلفاظِ كُلِّها، وطُلِّقَت اثنَتَينِ (١).

اتَّفَق الفُقهاءُ على صِحةِ الاستِثناءِ في الإِقرارِ؛ لأنَّه لُغةُ العَربِ ونزَلَ به القُرآنُ كقَولِ الخَليلِ : ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: ٢٦، ٢٧] وقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العنكبوت: ١٤].

والاستِثناءُ في الإِقرارِ له أربَعُ حالاتٍ:

الحالةُ الأُولى: استِثناءُ القَليلِ من الكَثيرِ:

اتَّفَق أهلُ العِلمِ على استِثناءِ القَليلِ مِنْ الكَثيرِ، فهو نَحوُ أنْ يَقولَ: «علَيَّ عَشرةُ دَراهمَ إلا ثَلاثةَ دَراهِمَ» ولا خِلافَ في جَوازِه، ويَلزَمُه سَبعةُ دَراهمَ؛ لأنَّ الاستِثناءَ في الحَقيقةِ تَكلُّمٌ بالباقِي بَعدَ الثُّنيا، كأنَّه قالَ: «لفُلانٍ علَيَّ سَبعةُ دَراهمَ» إلا أنَّ للسَّبعةِ اسمَينِ، أحَدَهما سَبعةٌ، والآخِرُ عَشرةٌ إلا ثَلاثةً.

قالَ اللهُ : ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العنكبوت: ١٤] مَعناه أنَّه لبِثَ فيهم تِسعَمِئةٍ وخَمسينَ عامًا.

ولقَولِ النَّبيِّ : «إنَّ للهِ تِسعةً وتِسعينَ اسمًا، مِئةً إلا واحِدةً» (٢) فاستَثنَى القَليلَ من الكَثيرِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٢٥٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>