للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: هو استِعمالُ ماءٍ طَهورٍ في الأَعضاءِ الأربَعةِ، وهي الوَجهُ واليَدانِ والرأسُ والرِّجلانِ على صِفةٍ مَخصوصةٍ في الشَّرعِ، بأنْ يَأتي بها مُرتَّبةً مُتواليةً مع باقي الفُروضِ (١).

مَشروعيةُ الوُضوءِ:

الوُضوءُ مَشروعٌ بالكِتابِ والسُّنةِ والإِجماعِ:

أمَّا الكِتابُ: فقَولُه ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦].

فهذه الآيةُ دالَّةٌ على فَرضيةِ الوُضوءِ، أو هي -كما يَقولُ القُرطبيُّ -: آيةُ الوُضوءِ.

وظاهِرُها يَقتَضي وُجوبَ الوُضوءِ على كلِّ قائِمٍ إلى الصَّلاةِ (٢)، ولكنَّ جُمهورَ العُلماءِ قالوا: مَعناه إذا قُمتُم إلى الصَّلاةِ وأنتُم مُحدِثونَ، وإنَّما أضمَرَ «وأنتُم مُحدِثونَ» كَراهةَ أنْ يَفتتِحَ آيةَ الطَّهارةِ بذِكرِ الحَدثِ، كما قالَ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢]، ولم يَقُلْ: «هُدًى للضالِّين الصائِرين إلى التَّقوَى بعدَ الضَّلالِ»، كَراهةَ أنْ يَفتتحَ أُولى الزَّهراوَينِ بذِكرِ الضَّلالةِ (٣).


(١) «كشاف القناع» (١/ ٨٢)، و «مطالب أولي النهى» (١/ ٩٨).
(٢) هومذهَبُ أهلِ الظاهرِ سواءٌ كانَ مُحدثًا أوغيرَ مُحدثٍ.
(٣) «تفسير القرطبي» (٣/ ٤٥٥)، و «عمدة القاري» (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>