للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضي عبدُ الوهابِ : لا يَجوزُ نكاحُ المَجوسياتِ ولا غيرِهنَّ مِنْ أنواعِ الشركِ الذينَ لا كتابَ لهم، خلافًا لأبي ثورٍ في إجازتِه ذلكَ في المَجوسِ، وهو أحَدُ وجهَيِ الشافِعيةِ على قولِهم: «إنهم أهلُ كتابٍ»؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١]، فعَمَّ، وقولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [المائدة: ٥]، فدَلَّ أنَّ غيرَهنَّ خِلافُهنَّ، ولأنهنَّ غيرُ مُتمسِّكينَ بكتابٍ كعَبدِة الأوثانِ (١).

حُكمُ نِكاحِ المُرتدةِ:

اتَّفقَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعةِ على أنه لا يَحلُّ نكاحُ المُرتدةِ؛ لأنه لا فائِدةَ فيهِ؛ لأنَّ المقصودَ مِنْ شَرعِ النكاحِ مَصالحُه، ولا تُوجَدُ؛ لأنَّ المُرتدَّ يُقتَلُ، ولأنه لا ملَّةَ لهُما؛ لأنهما خَرَجَا عن الإسلام، ولا يُقرَّانِ على ما انتقَلَا إليه.

قالَ الحَنفيةُ: لا يَجوزُ نكاحُ المُرتدةِ معَ أحدٍ؛ لأنها مأمورةٌ بالتأمُّلِ لتَعودَ إلى الإسلامِ، ومَمنوعةٌ مِنْ الاشتغالِ بشيءٍ آخَرَ، ولأنها بالردةِ صارَتْ مُحرَّمةً، والنكاحُ مُختصٌّ بمَحلِّ الحِلِّ ابتداءً، فلهذا لا يَجوزُ نكاحُها مع أحدٍ (٢).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : منها أنْ يكونَ للزوجَينِ ملَّةٌ يُقرَّانِ عليها، فإنْ لم يكنْ بأنْ كان أحدُهما مُرتدًّا لا يجوزُ نكاحُه أصلًا لا بمُسلمٍ ولا


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٢٨، ٣٢٩) رقم (١١٦٤).
(٢) «المبسوط» (٥/ ٤٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٣٩)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>