للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الحَنفيَّةُ فلم يَشترِطوا أنْ يَكونَ السَّفرُ مُباحًا، بل أجازوا الفِطرَ في سَفرِ المَعصيةِ أيضًا.

قالوا: لأنَّ النُّصوصَ التي ورَدت لم تُفرِّقْ بين سَفرٍ وسَفرٍ، فوجَب العَملُ بعُمومِ النُّصوصِ وإطلاقِها؛ ولأنَّ نَفسَ السَّفرِ ليس بمَعصيةٍ وإنَّما المَعصيةُ ما يَكونُ بعدَه أو يُجاوِرُه. والرُّخصةُ تَتعلَّقُ بالسَّفرِ لا بالمَعصيةِ (١).

د- أنْ يُجاوِزَ المَدينةَ وما يَتَّصِلُ بها والبِناءاتِ والأفنيةَ والأخبيةَ (٢).

قال ابنُ قُدامةَ: لا يُباحُ له الفِطرُ حتى يُخلِّفَ البُيوتَ وَراءَ ظَهرِه، يَعني أنَّه يُجاوِزُها ويَخرُجُ من بينِ بُنيانِها.

وقال الحَسَنُ: يُفطِرُ في بَيتِه إنْ شاءَ يَومَ يُريدُ أنْ يَخرُجَ، ورُوي نَحوُه عن عَطاءٍ.

قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: قَولُ الحَسنِ قَولٌ شاذٌّ، وليس الفِطرُ لِأحَدٍ في الحَضرِ في نَظرٍ ولا أثَرٍ، وقد رُوي عن الحَسنِ خِلافُه.

وقد رَوى مُحمدُ بنُ كَعبٍ قال: «أَتَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ في رَمَضَانَ وهو يُرِيدُ سَفَرًا، وقد رُحِّلَتْ له رَاحِلَتُهُ وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ،


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٣١١، ٢/ ٦٣١)، و «تبين الحقائق» (١/ ٢١٦)، و «الهداية» (١/ ٨٢)، و «الدر المختار» (١/ ٥٢٧)، و «مراقي الفلاح» (٢٣٠)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ٢٥٥).
(٢) «رد المحتار» (٢/ ١١٥)، و «الشرح الكبير» (١/ ٥٣٤)، و «منح الجليل» (١/ ٤٠٩)، و «المجموع» (٤٣٧٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣١٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>