للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كما قالَ، فالمُعتمَدُ إطلاقُ كلامِ الأصحابِ (١).

وذهَبَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ إلى نُصرَةِ القولِ بجَوازِ خُلعِ الحِيلةِ مِنْ عَشَرةٍ أَوجُهٍ.

قالَ : المَخرَجُ الحادي عشَرَ: خُلعُ اليَمينِ عندَ مَنْ يُجوِّزُه كأصحابِ الشَّافعيِّ وغيرِهم، وهذا وإنْ كانَ غيرَ جائِزٍ على قَولِ أهلِ المَدينةِ وقَولِ الإمامِ أحمَدَ وأصحابهِ كلِّهم، فإذا دعَتِ الحاجةُ إليهِ أو إلى التَّحليلِ كانَ أَولَى مِنْ التَّحليلِ مِنْ وُجوهٍ عديدةٍ:

أحَدُها: أنَّ اللهَ تعالَى شرَعَ الخُلعَ رَفعًا لمَفسدةِ المشاقَّةِ الواقِعةِ بيْنَ الزَّوجَينِ، وتَخلُّصِ كلٍّ مِنهُما مِنْ صاحِبِه؛ فإذا شرَعَ الخُلعَ رَفعًا لهذهِ المَفسدةِ الَّتي هي بالنِّسبةِ إلى مَفسدةِ التَّحليلِ كتَفلةٍ في بَحرٍ، فتَسويغُه لدَفعِ مَفسدةِ التَّحليلِ أَولَى.

يُوضِّحُه الوَجهُ الثَّاني: أنَّ الحِيَلَ المُحرَّمةَ إنَّما مُنعَ منها لِمَا تَتضمَّنُه مِنْ الفَسادِ الَّذي اشتَملَتْ عليهِ تلكَ المُحرَّماتُ الَّتي يُتحيَّلُ عليها بهذهِ الحيَلِ، وأمَّا حِيلةٌ تَرفعُ مَفسدةً هي مِنْ أعظَمِ المَفاسدِ فإنَّ الشَّارعَ لا يُحرِّمها.

يُوضِّحُه الوجهُ الثَّالثُ: أنَّ هذهِ الحِيلةَ تتضمَّنُ مَصلحةَ بَقاءِ النِّكاحِ المَطلوبِ للشَّارعِ بَقاؤُه، ودفْعَ مَفسدةِ التَّحليلِ الَّتي بالَغَ الشَّارعُ كلَّ المُبالَغةِ في دَفعِه والمَنعِ منهُ ولعْنِ أصحابِه؛ فحِيلةٌ تُحصِّلُ المَصلحةَ المَطلوبَ إيجادُها وتَدفعُ المَفسدةَ المَطلوبَ إعدامُها لا يَكونُ مَمنوعًا منها.


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٩، ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>