ومن الدَّليلِ على أنَّ الحَجَّ في هذا الحَديثِ ليسَ بفَرضٍ على أبيها، ما صرَّحت به هذه المَرأةُ بقولِها:«لا يَستطيعُ»، ومَن لا يَستطيعُ لا يَجبُ عليه، وهذا تَصريحٌ بنَفيِ الوُجوبِ ومَنعِ الفَريضةِ، فلا يَجوزُ ما انتفَى في أولِ الحَديثِ قَطعًا أنْ يثبُتَ في آخرِه ظَنًّا يُحقِّقُه قولُه:«فدَينُ اللهِ أحقٌّ أنْ يُقضى».
وذكَر أبو عُمرَ بنُ عبدِ البرِّ أنَّ حَديثَ الخَثعميَّةِ عندَ مالكٍ وأصحابِه مَخصوصٌ بها (١).
ويَتفرَّعُ عن ذلك مَسائلُ، نَذكرُ منها ما يلي:
١ - إذا صحَّ المَريضُ بعدَما أمَر من يحُجُّ عنه:
اختلَف الفُقهاءُ في المَريضِ، يَأمرُ من يحُجُّ عنه ثم يَصحُّ بعدَ ذلك، هل يَلزمُه حَجٌّ آخَرُ عن نَفسِه أو لا؟
فذهَب الحَنفيةُ والشافِعيةُ وابنُ المُنذرِ إلى أنَّه لا يُجزِئُه، ويَلزمُه الحَجُّ
(١) «تفسير القرطبي» (٤/ ١٥٠، ١٥٢)، ويُنظر: «التمهيد» (٩/ ١٢٩، ١٣٧)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٩٠)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٩٨، ٤٩٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٤)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٨٧)، و «الاختيار» (١/ ١٨٢)، و «فتح القدير» (٢/ ٤١٥، ٤١٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٦٥٨)، و «الإشراف» (٢١٦)، و «المجموع» (٧/ ٦٩)، و «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٩٨)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٣٤)، و «شرح العمدة» (٢/ ١٣٥)، و «المغني» (٤/ ٣١٨)، و «الفروع» (٣/ ١٨٣)، و «نيل الأوطار» (٥/ ١٠)، و «الإفصاح» (١/ ٤٥١).