٦ - الرِّدَّةُ مع اللُّحوقِ بدارِ الحَربِ: نَصَّ الحَنفيَّةُ على أنَّ أحَدَ الشَّريكَيْنِ إذا ارتَدَّ ولَحِقَ بدارِ الحَربِ مُرتَدًّا، وحَكمَ القاضي بلَحاقِه انفسَختِ الشَّركةُ؛ لأنَّه بمَنزلةِ المَوتِ، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن يَتصرَّفُ بالإذنِ، والمَوتُ يَقطَعُ الإذنَ، ولا فَرقَ بينَ ما إذا عَلِم الشَّريكُ برِدَّةِ صاحبِه أو لَم يَعلمْ؛ لأنَّه عَزلٌ حُكميٌّ، بخِلافِ الفَسخِ، كما تَقدَّم.
فإنْ رجَع المُرتدُّ مُسلِمًا بعدَ لَحاقِه قبلَ أنْ يَقضيَ القاضي لَم تَبطُلِ الشَّركةُ، وإنْ كان رُجوعُه بَعدَما قَضى بلَحاقِه فلا شَركةَ بينَهما؛ لأنَّه لَمَّا قَضى بلَحاقِه زالَتْ أملاكُه، فانفَسختِ الشَّركةُ، فلا تَعودُ إلا بعَقدٍ جَديدٍ (١).
يَدُ الشَّريكِ يَدُ أمانةٍ:
اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ يَدَ الشَّريكِ في مالِ الشَّركةِ يَدُ أمانةٍ؛ كالمُودَعِ والوَكيلِ، وليست يَدَ ضَمانٍ، فلا يَضمنُ أحَدُ الشَّريكَيْن ما ذهَب مِنْ مالِ التِّجارةِ مِنْ غَيرِ تَعدٍّ ولا تَفريطٍ باتِّفاقِ الفُقهاءِ؛ لأنَّه قبَض المالَ بإذنِ صاحبِه، لا على وَجهِ المُبادلةِ، كالمَقبوضِ على سَومِ الشِّراءِ، ولا على وَجهِ الوَثيقةِ كالرَّهنِ، ولأنَّه نائِبٌ عن شَريكِه في الحِفظِ، فكان الهالِكُ في يَدِه مِنْ غَيرِ تَعدٍّ ولا تَفريطٍ كالهالِكِ في يَدِ المالِكِ.
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٧٨)، و «الاختيار» (٣/ ٢١)، و «العناية» (٨/ ٣١٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٥)، و «اللباب» (١/ ٥٣٦)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٩٤).