للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسمُ الرابعُ مِنْ أنواعِ القَتلِ: ما أُجرِيَ مَجرَى الخَطأِ:

هذا النَّوعُ مِنْ القتلِ ذكَرَه فُقهاءُ الحَنفيةِ والحَنابلةِ وغيرُهم، قالَ فُقهاءُ الحَنفيةِ: ما أُجرِيَ مَجرَى الخَطأِ- مثلَ النائمِ يَنقلبُ على رَجلٍ فيَقتلُه- فحُكمُه حُكمُ الخَطأِ، يَعني مِنْ سُقوطِ القِصاصِ ووُجوبِ الدِّيةِ وحِرمانِ المِيراثِ.

أمَّا سُقوطُ القِصاصِ فلأنه لم يَتعمَّدْ، وأما وُجوبُ الدِّيةِ فلأنه ماتَ بفِعلِه، وأمَّا حِرمانُ المِيراثِ فلِجَوازِ أنْ يَكونَ تَعمَّدَ قتْلَه وأظهَرَ النومَ.

وإنما أُجريَ مَجرَى الخَطأِ لأنَّ النائمَ لا قصْدَ له، فلا يُوصَفُ فِعلُه بالعَمدِ ولا بالخَطأِ، فلهذا لم يُطلَقْ عليه اسمُ الخَطأِ، إلا أنه في حُكمِ الخَطأِ لحُصولِ المَوتِ بفِعلِه كالخاطئِ (١).

وذكَرَ كَثيرٌ مِنْ الحَنابلةِ هذا القِسمَ، وقالوا: ما أُجريَ مَجرَى الخَطأِ -نحوُ أنْ يَنقلبَ نائمٌ على شَخصٍ فيَقتلَه، أو يَقعَ عليهِ مِنْ عُلوٍّ- فحُكمُه حُكمُ الخَطأِ في جَميعِ أحكامِه (٢).

وهذا القِسمُ عندَ عامَّةِ الفُقهاءِ يَجري مَجرَى الخَطأِ ويَأخذُ جَميعَ أحكامِ قَتلِ الخَطأِ؛ فإنهُم أدرَجُوا هذا في قِسمِ الخَطأِ، ولا مشاحةَ في الاصطلاحِ.


(١) «المبسوط» (٢٦/ ٦٨)، و «الهداية» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «الاختيار» (٥/ ٣٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٠٣)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٢٧، ٣٢٨).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٠٨)، و «الشرح الكبير» (٩/ ٣٢٠)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣)، و «المبدع» (٨/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>