لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ المَذاهبِ على أنَّ يَدَ الناظِرِ على مالِ الوَقفِ يَدُ أمانةٍ لا يَدُ عُدوانٍ، فلا يَضمَنُ إلَّا إذا تَعدَّى أو فرَّطَ …
قالَ ابنُ عابدِينَ ﵀: صرَّحَ عُلَماؤُنا ﵏ أنَّ يَدَ الناظِرِ على الوَقفِ يَدُ أمانةٍ لا يَدُ عُدوانٍ.
قالَ ابنُ عابدِينَ: وفي «القُنيَة»: وقد صرَّحَ عُلَماؤُنا قاطِبةً بأنَّ يَدَ الناظِرِ على الوَقفِ يَدُ أمانةٍ لا يَدُ عُدوانٍ، قالَ في «الذَّخيرَة»: وإنْ باعَ الأرضَ فقبَضَ الثَّمنَ فهلَكَ في يَدِه فلا ضَمانَ عليه، ويَكونُ الثَّمنُ عندَهُ أمانةٌ، وأخذُ القاضي وأعوانِه المالَ كأخذِ اللُّصوصِ، وقد قالَ كَثيرٌ مِنْ عُلَمائِنا المُتأخِّرينَ عن قُضاةِ زَمانِهم: تَسمَّوا باسمِ القُضاةِ وهُم باسمِ اللُّصوصِ أحَقُّ (١).
عَزلُ ناظِرِ الوَقفِ ومَن له حَقُّ العَزلِ:
إذا نصَبَ الواقفُ ناظِرًا على وَقفِه، فهل له أنْ يَعزلَه لسَببٍ مِنْ الأسبابِ أم لا يَجوزُ؟ وهل للقاضي أيضًا أنْ يَعزلَه أم لا؟ اختَلفَ الفُقهاءُ في ذلكَ.
الحالَةُ الأُولى: عَزلُ الواقفِ للناظِرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الواقفِ، هل يَحقُّ له عَزلُ الناظِرِ الذي وَلَّاهُ أم لا؟
فذهَبَ أبو يُوسفَ مِنْ الحَنفيةِ -وعَليهِ الفتوَى عندَهُم- والمالِكيةُ إلى أنه يَجوزُ للواقِفِ عَزلُ الناظِرِ ولو بلا جُنحةٍ؛ لأنه وَكيلُه.
(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» لابن عابدين (٣/ ٧٨)، ويُنظَر: «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٨٧)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٢٤١)، و «الأشباه والنظائر» (٢٧٣).