للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في رِوايةِ حَنبلٍ في مُسلِمٍ تَحتَهُ نَصرانيَّةٌ طلَّقَها ثلاثًا فتَزوَّجَتْ بنَصرانِيٍّ: تَحلُّ لِلأوَّلِ؛ لأنَّهُ زَوجٌ (١).

إذا لم يَعتَقدِ الكافِرُ وُقوعَ الطَّلاقِ، هل يَقعُ طلاقُهُ؟

قالَ ابنُ القَيِّمِ : وأمَّا إنْ كانَ الكافِرُ لا يَعتَقدُ وُقوعَ الطَّلاقِ ولا نُفوذَهُ فطلَّقَ، فهل يَصحُّ طَلاقُهُ؟

ففيهِ رِوايتانِ مَنصُوصتانِ عنْ أحمَدَ، أصحُّهُما: أنَّهُ لا يَصحُّ طلاقُهُ، وهذا هُو مُقتَضى أُصولِه، فإنَّا نُقرِّهُم على ما يَعتقِدُونَ صِحتَهُ مِنَ العُقودِ، فإذا لم يَعتَقدْ نُفوذَ الطَّلاقِ فهُوَ يَعتقِدُ بقاءَ نِكاحِه، فيُقرُّ عليهِ وإنْ أسلَمَ.

وأيضًا: فإنَّ وُجودَ هذا الطَّلاقِ وعَدمَه في حَقِّه واحدٌ، فإنَّهُ لم يَلتزِمْ حُكمَ الطَّلاقِ ولا اعتَقدَ نُفوذَه، فلَم يَلزمْهُ حُكمُه، وهذا التَّفصيلُ في طلاقِهِ هو فصْلُ الخِطَابِ (٢).

حكمُ طلاقِ المريضِ مرَضَ الموتِ (طلاقُ الفَارِّ):

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعَةِ وغَيرُهم على أنَّهُ لا يُشتَرطُ لصِحَّةِ الطَّلاقُ صحَّةُ الزَّوجِ، فيَصحُّ طلاقِ المَريضِ؛ لأنَّ المرَضَ لا يَنفِي أهليَّةَ الطَّلاقِ.

وإذا طلَّقَ زَوجتَهُ وهوَ صَحيحٌ أو في مَرضٍ غَيرِ مَخُوفٍ ثمَّ ماتَ أنَّهُ لا


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٢٩، ٢٣٠).
(٢) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>