للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختِلافُ المَطالِعِ:

اختِلافُ مَطالِعِ الهِلالِ أمرٌ واقِعٌ بينَ البِلادِ البَعيدةِ، كاختِلافِ مَطالِعِ الشَّمسِ، لكنْ هل يُعتبَرُ ذلك في بَدءِ صيامِ المُسلِمين وتَوقيتِ عيدَيِ الفِطرِ والأضحى وسائِرِ الشُّهورِ فتَختلِفَ بينَهم بَدءًا ونِهايةً أو لا يُعتبَرُ بذلك ويَتوحَّدُ المُسلِمون في صَومِهم وفي عيدِهم؟

وهذه المَسألةُ هي: «إذا رأى الهِلالَ أهلُ بَلدٍ دونَ غَيرِهم»؛ فقد اختَلفَ الفُقهاءُ فيها على قولَيْن:

فذهَب الحَنفيَّةُ في المَذهبِ والمالِكيَّةُ في المَذهبِ وبَعضُ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا عِبرةَ باختِلافِ المَطالِعِ، فإذا رأى الهلالَ أهلُ بَلدٍ لَزِم جَميعَ البِلادِ الصَّومُ؛ لِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وقَولِ النَّبيِّ : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» (١).

فقد أوجَب هذا الحديثُ الصَّومَ بمُطلَقِ الرُّؤيةِ لِجَميعِ المُسلِمين دونَ تَقَيُّدِها بمَكانٍ.

وقال ابنُ قُدامةَ : إنَّ هذا اليَومَ من شَهرِ رَمضانَ بشَهادةِ الثِّقاتِ فوجَب صَومُه على جَميعِ المُسلِمين؛ ولأنَّ شَهرَ رَمَضانَ ما بينَ الهِلالَيْن، وقد ثبَت أنَّ هذا اليَومَ منه في سائِرِ الأحكامِ من حُلولِ الدَّيْنِ ووُقوعِ الطَّلاقِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>