للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَذهبُ الحَنابلةِ كالمالِكيةِ -في الحُكمِ الأولِ فَقطْ-، أنه إذا اشتَركَ الجَماعةُ في سَرقةٍ قيمتُها ثَلاثةُ دَراهمَ قُطِعوا؛ لأنَّ النِّصابَ أحَدُ شَرطَي القطعِ، فإذا اشتَركَ الجَماعةُ فيه كالواحدِ؛ قياسًا على هَتكِ الحِرزِ، ولأنَّ سَرقةَ النِّصابِ فِعلٌ يُوجبُ القَطعَ، فاستَوى فيه الواحِدُ والجَماعةُ كالقِصاصِ.

ولم يُفرِّقِ الحَنابلةُ بينَ كونِ المَسروقِ ثَقيلًا يَشتركُ الجَماعةُ في حَملِه وبينَ أنْ يُخرجَ كلُّ واحدٍ منه جُزءًا، ونَصَّ أحمَدُ على هذا؛ لأنهُم اشتَرَكوا في هَتكِ الحِرزِ وإخراجِ النِّصابِ، فلَزمَهم القَطعُ كما لو كانَ ثَقيلًا فحَمَلوه، وفارقَ القِصاصَ؛ فإنه تُعتمَدُ المُماثَلةُ، ولا تُوجَدُ المُماثَلةُ إلا أنْ تُوجدَ أفعالُهم في جَميعِ أجزاءِ اليدِ، وفي مَسألتِنا القَصدُ الزَّجرُ مِنْ غيرِ اعتبارِ مُماثلةٍ، والحاجةُ إلى الزجرِ عن إخراجِ المالِ، وسَواءٌ دَخلَا الحِرزَ معًا أو دخَلَ أحَدُهما فأخرَجَ بعضَ النِّصابِ ثم دَخلَ الآخَرُ فأخرَجَ باقيهِ؛ لأنهُما اشتَركَا في هَتكِ الحِرزِ وإخراجِ النصابِ، فلَزمَهما القَطعُ كما لو حَمَلاهُ معًا (١).

المَوضعُ الثَّاني: إذا اشتَركَ اثنانِ في نَقبٍ فدَخلَ أحَدُهما فأخَذَ المَتاعَ وناوَلَه الآخَرَ وهو خارجَ الحِرزِ أو رمَى بهِ إليهِ فأخَذَه:

فذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ إلى أنه إذا اشتَركَ اثنانِ في نَقبٍ فدَخلَ أحَدُهما فأخَذَ المَتاعَ وناوَلَه الآخَرَ وهو خارجَ الحِرزِ فأخَذَه أنَّ


(١) «المغني» (٩/ ١٢٠، ١٢١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٣٤)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٣، ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>