للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا قولُه : «فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ منِّي» فمَعناهُ: مَنْ رَغبَ عنها إعراضًا عنها غيرَ مُعتقِدٍ على ما هيَ، واللهُ أعلَمُ (١).

إلَّا أنَّ العُلماءَ قالُوا: إنَّ النِّكاحَ تَجرِي فيهِ الأحكامُ التَّكليفيةُ الخَمسةُ: الوُجوبُ والنَّدبُ والكَراهةُ والحُرمةُ والإباحَةُ، ولكلِّ مذهَبٍ تَفصيلٌ في ذلكَ بيانُه على النَّحو التَّالي:

أولاً: الوُجوبُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ يَخافُ على نَفسِه الوُقوعَ في المَحظورِ إنْ ترَكَ النِّكاحَ وجَبَ عليهِ النِّكاحُ، قالَ ابنُ قُدامةَ : في قولِ عامَّةِ الفُقهاءِ؛ لأنهُ يَلزمُه إعفافُ نَفسِه وصَونُها عنِ الحَرامِ، وطَريقُه النِّكاحُ (٢).

وقالَ القُرطبيُّ : المُستطيعُ الَّذي يَخافُ الضَّررَ على نَفسِه ودِينِه مِنْ العُزوبةِ بحيثُ لا يَرتفعُ عنهُ ذلكَ إلَّا بالتَّزويجِ لا يُختلَفُ في وُجوبِ التَّزويجِ عليهِ (٣).

قالَ الحَنفيةُ: النِّكاحُ في حالِ التَّوقانِ واجِبٌ؛ لأنَّ حالةَ التَّوقانِ يُخافُ عليهِ أو يَغلبُ على الظَّنِّ وُقوعُه في الزِّنا إذا لم يَتزوَّجْ، والنِّكاحُ يَمنعُه عن ذلكَ، فكانَ واجِبًا؛ لأنَّ الامتِناعَ عنِ الحَرامِ فَرضٌ واجِبٌ.


(١) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٧٣، ١٧٤).
(٢) «المغني» (٧/ ٤).
(٣) «فتح الباري» (٩/ ١١٠)، و «طرح التثريب» (٧/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>