للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وِلايةُ الأَبِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الأَبَ إذا اجتمَعَت فيه الأَهليةُ؛ فإنَّ له حَقَّ الوِصايةِ على أَولادِه الصِّغارِ والمَجانينِ وكذا على السُّفهاءِ إذا بلَغوا عندَ مَنْ يَقولُ بالحَجرِ على السَّفيهِ؛ لأنَّ له وِلايةً شَرعيةً مُبتدَأةً.

وِلايةُ الجَدِّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الجَدِّ هل له أنْ يُوصيَ على أَولادِ وَلدِه أو لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ الجَدَّ له حَقُّ الوِصايةِ على أَولادِ ابنِه؛ لأنَّ له وِلايةَ التَّزويجِ.

قالَ الحَنفيةُ: الوِلايةُ في مالِ الصَّغيرِ إلى الأَبِ ووَصيِّه ثم إلى وَصيِّ وَصيِّه، فإنْ ماتَ الأَبُ ولم يُوصِ إلى أحَدٍ فالجَدُّ أحَقُّ بالوِلايةِ؛ لأنَّه أشفَقُ من الغيرِ؛ لقِيامِه مَقامَ الأَبِ في الإِرثِ، حتى إنَّه يَملِكُ الإِنكاحَ دونَ الوَصيِّ، ثم إلى وَصيِّه ثم إلى وَصيِّ وَصيِّه، فإنْ لم يَكنْ فالقاضي ومَن نَصَّبه (١).

قالَ الزَّيلَعيُّ: قالَ (ووَصيُّ الأَبِ أحَقُّ بمالِ الطِّفلِ من الجَدِّ)، وقالَ الشافِعيُّ : الجَدُّ أحَقُّ؛ لأنَّ الشَّرعَ أَقامَه مَقامَ الأَبِ عندَ عَدمِه، حتى أحرَزَ مِيراثَه فيَتقدَّمُ على وَصيِّه، ولنا أنَّ وِلايةَ الأَبِ تَنتقِلُ إليه بالإِيصاءِ، فكانَت وِلايتُه قائِمةً مَعنًى فيُقدَّمُ عليه كالأَبِ نَفسِه، وهذا لأنَّ اختيارَه الوَصيَّ مع عِلمِه بوُجودِ الجَدِّ يَدلُّ على أنَّ تَصرفَه أنظَرُ لأَولادِه من تَصرفِ


(١) «البحر الرائق» (٧/ ١٧٧)، و «ابن عابدين» (٧/ ٣٥٨)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٤٦٤)، و «درر الحكام» (٤/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>