للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرائطُ الرِّدةِ:

نَصَّ الفُقهاءُ على أنَّ الرِّدةَ لا تَقعُ مِنْ المُسلمِ إلا إذا تَوفَّرتْ فيه عِدةُ شَرائطَ:

أولاً: البُلوغُ: (رِدَّةُ الصَّبيِّ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الصَّبيِّ العاقلِ إذا ارتَدَّ عن الإسلامِ، هل تَصحُّ رِدتُه أم لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والمالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ البُلوغَ ليسَ بشَرطٍ، فتَصحُّ رِدةُ الصبيِّ العاقلِ؛ لأنه صَحَّ إيمانُه، فتَصحُّ رِدتُه؛ وهذا لأنَّ صِحةَ الإيمانِ والرِّدةِ مَبنيةٌ على وُجودِ الإيمانِ والرِّدةِ حَقيقةً؛ لأنَّ الإيمانَ والكُفرَ مِنْ الأفعالِ الحَقيقيةِ، وهُمَا أفعالٌ خارِجةُ القَلبِ بمَنزلةِ أفعالِ سائرِ الجَوارحِ، والإقرارُ الصادِرُ عن عَقلٍ دَليلُ وُجودِهما، وقد وُجدَ ههُنا، إلا أنهُما مع وُجودِهما منه حَقيقةٌ لا يُقتَلُ.

وعلى هذا تَجرِي عليهِ الأحكامُ الدُّنيويةُ التي تَتسبَّبُ عنهُما، كبُطلانِ ذَبحِه ونِكاحِه، إلا أنه لا يُعاقَبُ في الآخِرةِ، ولا يُقتلُ قبلَ البلوغِ؛ لأنَّ القتلَ عُقوبةٌ وهو ليسَ مِنْ أهلِها في الدُّنيا، قالَ الحَنفيةُ: ولكنْ لو قتَلَه إنسانٌ لم يَغرمْ شَيئًا، كالمَرأةِ إذا ارتَدَّتْ لا تُقتلُ ولا يَغرمُ قاتِلُها.

وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ البلوغَ شَرطٌ، فلا تَصحُّ رِدةُ الصبيِّ؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ : «رُفعَ القَلمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>