للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا طَلَّقها الوَكيلُ واحِدةً ثم راجَعَها الزَّوجُ صَحَّتِ الرَّجعَةُ (١).

التَّوكيلُ في الخُلعِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَجوزُ التَّوكيلُ في الخُلعِ؛ لقولِ اللَّهِ تَعالى: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥]. فلِلحَكَمَيْنِ أنْ يُخالِعا، فدَلَّ ذلك على جَوازِ التَّوكيلِ في الخُلعِ، ولأنَّ عَقدَ الخُلعِ جامِعٌ بينَ الطَّلاقِ والبَيعِ، ولأنَّ التَّوكيلَ جائِزٌ في كلِّ واحِدٍ مِنهُما، جازَ فيما جَمَعهُما، ولأنَّ عَقدَ النِّكاحِ أغلَظُ مِنْ رَفعِه بالخُلعِ، ولأنَّ التَّوكيلَ في النِّكاحِ جائِزٌ، فأوْلَى أنْ يَجوزَ في الخُلعِ، وإذا كانَ ذلك جائِزًا جازَ أنْ تُوكِّلَ الزَّوجةُ دونَ الزَّوجِ، وأنْ يُوكِّلَ الزَّوجُ دونَ الزَّوجةِ؛ لأنَّ الزَّوجةَ في الخُلعِ بمَنزِلةِ المُشتَرِي في البَيعِ، ولأنَّ الزَّوجَ بمَنزِلةِ البائِعِ، ويَجوزُ في البَيعِ أنْ يُوكِّلَ المُشتَرِي دونَ البائِعِ، ويُوكِّلَ البائِعُ دونَ المُشتَرِي (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَصحُّ التَّوكيلُ في الخُلعِ مِنْ كلِّ واحِدٍ مِنْ الزَّوجَيْنِ، ومِن أحَدِهِما مُنفَرِدًا، وكُلُّ مَنْ صَحَّ أنْ يَتصرَّفَ بالخُلعِ لِنَفْسِه جازَ تَوكيلُه ووَكالَتُه حُرًّا كانَ أو عَبدًا، ذَكَرًا أو أُنثَى، مُسلِمًا أو كافِرًا، مَحجورًا عليه أو رَشيدًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهم يَجوزُ أنْ يُوجِبَ الخُلعَ، فصَحَّ أنْ يَكونَ مُوَكَّلًا فيه، كالحُرِّ الرَّشيدِ، وهذا مَذهبُ الشَّافِعيِّ وأصحابِ الرَّأْيِ، ولا أعلَمَ فيه خِلافًا.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٢٠، ١٢١).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>