للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَهبَ الأبُ بعضَ بَنيه في حالِ مَرضِه ثم يَموتَ:

إذا وهَبَ الأبُ في مَرضِ مَوتِه لبَعضِ وَرثتِه لا تَنفذُ هِبتُه ويَكونُ حُكمُها حُكمَ وَصاياه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : لأنَّ العَطايا في مَرضِ المَوتِ بمَنزلةِ الوَصيةِ في أنَّها تُعتبَرُ من الثُّلثِ إذا كانَت لأَجنَبيٍّ إِجماعًا، فكذلك لا تَنفذُ في حَقِّ الوارِثِ.

قالَ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ من أحفَظُ عنه من أهلِ العِلمِ على أنَّ حُكمَ الهِباتِ في المَرضِ الذي يَموتُ فيه الواهِبُ حُكمُ الوَصايا، هذا مَذهبُ المَدنِيِّ والشافِعيِّ والكُوفيِّ (١).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : العَطيةُ من الآباءِ للأَبناءِ جائِزةٌ في صِحةِ الآباءِ؛ لأنَّ فِعلَ المَريضِ في مالِه وَصيةٌ، والوَصيةُ للوارِثِ باطِلةٌ، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه يُستَغنى عن القَولِ فيه (٢).

فإنْ أعطَى أحدَ بَنيه في صِحتِه ثم أعطَى الآخَرَ في مَرضِه فقد توقَّفَ أحمدُ فيه؛ فإنَّه سُئلَ عمَّن زوَّجَ ابنَه فأعطَى عنه الصَّداقَ ثم مرِضَ الأبُ وله ابنٌ آخَرُ، هل يُعطيه في مَرضِه كما أعطَى الآخَرَ في صِحتِه؟ فقالَ: لو كانَ أَعطاه في صِحتِه يَحتملُ وَجهَينِ:


(١) «الإجماع» (٦٠٢)، و «الإشراف» (٧/ ٨٧).
(٢) «التمهيد» (٧/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>