ب- بَيعُ الوَكيلِ لِأولادِه الكِبارِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكيلِ بالبَيعِ المُطلَقِ، هَلْ يَجوزُ له أنْ يَبيعَ لِأولادِه الكِبارِ أو لا يَجوزُ؟
فَذهَب الإمامُ أبو حَنيفةَ والشَّافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلوَكيلِ بالبَيعِ المُطلَقِ البَيعُ لِابنِه الكَبيرِ، ولا الشِّراءُ مِنهُ؛ لأنَّ الوَكيلَ مُؤتمَنٌ؛ فإذا باعَ لِأولادِه لَحِقَتْه التُّهمَةُ، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهم -أي: الوَكيلَ وأولادَه- يَنتَفِعُ بمالِ الآخَرِ عادةً، فكانَ مالُ كلِّ واحِدٍ مِنهم كمالِ الوَكيلِ، فصارَ الوَكيلُ بائِعًا أو شاريًا مِنْ نَفْسِه، وكذا الإجارةُ والصَّرفُ.
إلَّا أنْ يَأذَنَ له المُوكِّلُ أنْ يَبيعَ مِنهم، أو يَقولَ له: بِعْه ممَّن شِئتَ؛ فإنَّه يَجوزُ بَيعُه لهم.
وقيلَ: إنْ باعَ بأكثَرَ مِنْ القِيمةِ جازَ عندَ أبي حَنيفةَ.
وذهَب الصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ لِلوَكيلِ بالبَيعِ المُطلَقِ أنْ يَبيعَ لِأولادِه الكِبارِ بمِثلِ القِيمةِ، ولَا يُحابيَ؛ لأنَّ التَّوكيلَ مُطلَقٌ: أي: عن التَّقييدِ بشَخصٍ دُون آخَرَ، والمُطلَقُ يُعمَلُ بإطلاقِه، فكانَ المُقتَضِي مَوجودًا، وكانَ المانِعُ مُنتَفيًا؛ لأنَّ المانِعَ هو التُّهمةُ، ولا تُهمةَ ههُنا؛ لأنَّها إمَّا أنْ تَكونَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute