للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك غَرَرٌ مِنْ غيرِ حاجةٍ، فلَمْ يَصحَّ، كما لو قالَ: بِعتُكَ بألْفٍ إلى أجَلٍ.

والثَّاني: يَصحُّ التَّوكيلُ، ويَبيعُ إلى ما جَرَتْ به العادةُ في التَّأجيلِ بالثَّمنِ في مِثلِ تلك السِّلعةِ؛ فَإنْ لَم يَكُنْ فيه عُرْفٌ باعَ بأنفَعَ ما يَقدِرُ عليه؛ لأنَّه مَأْمورٌ بالنُّصحِ لِمُوكِّلِه.

والثَّالثُ: يَصحُّ البَيعُ إلى أيِّ أجَلٍ شاءَ الوَكيلُ؛ لِعُمومِ إذْنِ المُوكِّلِ.

والرَّابِعُ: يَبيعُ إلى سَنةٍ، ولا يَبيعُ إلى أكثَرَ مِنها؛ لأنَّ الآجالَ المُقدَّرةَ بالشَّرعِ إلى سَنةٍ، وهو مِثلُ الجِزيةِ والدِّيَةِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ قدَّر له أجَلًا لَم تَجُزِ الزِّيادةُ عليه؛ لأنَّه لَم يَرضَ بها، وإنْ أطلَقَ الأجَلَ جازَ، وحُمِلَ على العُرفِ في مِثلِه؛ لأنَّ مُطلَقَ الوَكالةِ يُحمَلُ على المُتَعارَفِ (٢).

وَهو أيضًا مُقتَضَى مَذهبِ الحَنفيَّةِ: أنَّه لا يَجوزُ مُخالَفةُ المُوكِّلِ بحالٍ، قالَ الكاسانيُّ: الوَكيلُ بالبَيعِ إنْ كانَ مُقيَّدًا يُراعَى فيه القَيدُ بالإجماعِ، حتى إنَّه إذا خالَفَ قَيدَه لا يُنَفَّذُ على المُوكِّلِ، ولكنْ يَتوقَّفُ على إجازَتِه (٣).

٥ - إذا خالَفَ الوَكيلُ في جِنسِ الثَّمنِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا خالَفَ الوَكيلُ في جِنسِ الثَّمنِ، بأنْ يُوكِّلَه المُوكِّلُ بأنْ يَبيعَ له سِلعةً مُعيَّنةً بجِنسٍ مُعيَّنٍ مِنْ الثَّمنِ، فيَبيعَها بجِنسٍ آخَرَ


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٦/ ٤٣١)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٤٤).
(٢) «الكافي» (٢/ ٢٤٧).
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>