أحَدُهما: أنَّ فِعلَ المُختلَفِ فيه هاهُنا داعِيةٌ إلى فِعلِ ما أُجمِعَ على تَحريمِه، وفِعلُ سائرِ المُختلَفِ فيه يصرفُ عن جِنسِه مِنْ المُجمَعِ على تَحريمِه.
الثاني: أنَّ السُّنةَ عن النبيِّ ﷺ قد استَفاضَتْ بتَحريمِ هذا المُختلَفِ فيه، فلمْ يَبْقَ فيه لأحَدٍ عُذرٌ في اعتقادِ إباحتِه، بخِلاِف غيرِه مُن المُجتهَداتِ، قالَ أحمَدُ بنُ القاسمِ: سَمعْتُ أبا عبدِ اللهِ يقولُ: في تَحريمِ المُسكِرِ عِشرونَ وجهًا عن النبيِّ ﷺ، في بَعضِها:«كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ»، وبعضِها:«كلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ»(١).
مِقدارُ حَدِّ شربِ الخَمرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في قَدرِ حَدِّ شُربِ الخَمرِ، هل هو أربَعونَ جَلدةً؟ أم ثَمانونَ؟
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ حَدَّ شارِبِ الخَمرِ أربَعونَ جَلدةً، لا يَجوزُ أنْ ينقصَ منها، وما زادَ عليها إلى الثَّمانينَ تَعزيرٌ يَقِفُ على اجتِهادِ الإمامِ لا يَزيدُ عليها، ويَجوزُ أنْ ينقصَ منها؛ لِما رَواهُ مُسلمٌ عن حُضينِ بنِ المُنذِرِ أبي ساسَانَ قالَ: «شَهِدتُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ وأُتِيَ بالوَليدِ قد صلَّى الصُّبحَ رَكعتَينِ ثمَّ قالَ: أَزيدُكُم، فشَهدَ عليه رَجلانِ أحَدُهما حُمرانُ أنه شَربَ الخَمرَ، وشَهدَ آخَرُ أنه رآهُ يَتَقيأُ، فقالَ عُثمانُ: إنه لم يَتَقيأْ حتى شَربَها، فقالَ: يا عَليُّ قُمْ فاجلِدْهُ، فقالَ عَليٌّ: قُمْ يا حَسنُ فاجلِدْهُ، فقالَ