لم يكن عَبثًا ولَعِبًا، وبينَ العملِ الكَثيرِ الذي لا يَجوزُ مِثلُه في الصَّلاةِ؛ ليس عن العُلماءِ فيه حَدٌّ مَحدودٌ، ولَا سُنَّةٌ ثابِتةٌ، وإنَّما هوَ الاجتِهادُ، والاحتِياطُ في الصَّلاةِ أَولَى فأَولى لِلنَّهيِ (١).
٩ - حكمُ قِراءةِ القُرآنِ مِنْ المُصحَفِ في صَلاةِ الفَرضِ أو صَلاةِ التَّراويحِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ قرأَ في صَلاتِه مِنْ المُصحَفِ هل تبطُلُ صَلاتُه بذلك أو لا؟
فذَهب الإمامُ أبو حَنيفَةَ إلى أنَّ مَنْ قرأَ مِنْ المُصحَفِ في صَلاتِه وهو غيرُ حافِظٍ؛ فإنَّ صَلاتَه تفسُدُ بذلك.
ولَه في ذلك وَجهَانِ أو طَريقانِ:
أحَدُهما: أنَّ حَملَ المُصحَفِ والنَّظرَ فيه وتَقليبَ الأوراقِ عمَلٌ كَثيرٌ لَيسَ من أعمالِ الصَّلاةِ، ولا حاجَةَ إلى تَحَمُّلِه في الصَّلاةِ، فتفسُدُ الصَّلاةُ.
الآخَرُ: أنَّه تَلقَّنَ مِنْ المُصحَفِ فصارَ كما إذا تَلقَّنَ مِنْ غيرِه، وعلى هذا الآخَرِ: لا فَرقَ بينَ المَوضوعِ والمَحمولِ عندَه، وعلى الأوَّلِ يَفتَرِقانِ؛ فإنَّه
(١) «التَّمهيد» (٢٠/ ٩٥، ٩٩)، ويُنظر: «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ١٠٢)، و «البحر الرائق» (٢/ ١٣)، وما بعدها، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ٤٤١)، و «المجموع» للنووي (٤/ ١٠٣، ١٠٥)، و «إعانة الطالبين» (١/ ٢١٦)، و «فتح الباري» (١/ ٥٩٢)، و «شرح مسلم» (٥/ ٣٠)، و «بُلغَةُ السَّالك» (١/ ٢٣١)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٩٨)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٧٧)، و «مَطالِب أولي النهى» (١/ ٥٣٩)، و «منار السبيل» (١/ ١٨٨).