عن البَقيَّةِ يَرجِعُ على المُحيلِ بالقَدْرِ المُؤدَّى؛ لأنَّه مَلَكَ ذلك القَدْرَ مِنَ الدَّينِ فيَرجِعُ به.
وإنْ صالَحَ على خِلافِ جِنسِ حَقِّه بأنْ صالَحَه مِنَ الدَّراهِمِ على دَنانيرَ أو على مالٍ آخَرَ يَرجِعُ على المُحيلِ بكلِّ الدَّينِ؛ لأنَّ الصُّلحَ على خِلافِ جِنسِ الحَقِّ مُعاوَضةً، والمُؤدَّى يَصلُحُ عِوَضًا على كلِّ الدَّينِ (١).
اختِلافُ المُحيلِ والمُحالِ في الحَوالةِ:
اختَلَف الفُقهاءُ في المُحتالِ إذا قبَض الدَّينَ مِنَ المُحالِ عليه، ثم اختَلَف المُحيلُ مع المُحتالِ، فقال:«لَم يَكُنْ لكَ علَيَّ شَيءٌ، وإنَّما أنتَ وَكيلي في القَبضِ، والمَقبوضُ لي».
وقال المُحالُ:«لا، بل أحَلتَني بألْفٍ كانتْ لي عليكَ»، هل القَولُ قَولُ المُحيلِ؟ أم قَولُ المُحالِ؟
فذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى أنَّ القَولَ قَولُ المُحيلِ مع يَمينِه؛ لأنَّ المُحالَ يَدَّعي عليه دَينًا، وهو يُنكِرُ، والقَولُ قَولُ المُنكِرِ عندَ عَدَمِ البَيِّنةِ مع يَمينِه، ولا يَكونُ الإقرارُ مِنَ المُحيلِ بالحَوالةِ وإقدامِه عليها إقرارًا منه بأنَّ عليه دَينًا لِلمُحتالِ؛ لأنَّ لَفظَ الحَوالةِ مُستَعمَلٌ في الوَكالةِ، فيَكونُ القَولُ قَولَه مع يَمينِه، فإذا حَلَف أخَذَ الألْفَ المَقبوضةَ ولا يُصدَّقُ المُحتالُ على ما ادَّعى مِنَ الدَّينِ إلا ببَيِّنةٍ؛ لأنَّه قد يُحيلُه لِيَستَوفيَ له المالَ.
وذهَب المالِكيَّةُ في المَذهبِ إلى أنَّ القَولَ قَولُ المُحالِ بيَمينِه؛ تَغليبًا
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩)، و «درر الحكام» (٢/ ٣٥).