للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : فإنْ أتلَفَ ذلكَ أهلُ العَدلِ .. لم يَلزمْهم ضَمانُه بلا خِلافٍ؛ لأنهُم مأمورُونَ بقتالِهم، والقتالُ يَقتضي إتلافَ ذلكَ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : لا يَضمنُ أهلُ العَدلِ ما أتلَفوهُ على أهلِ البَغيِ بالتأويلِ باتِّفاقِ العُلماءِ (٢).

وقالَ المِرداويُّ : ولا يَضمنُ أهلُ العَدلِ ما أتلَفوهُ عليهِم حالَ الحَربِ مِنْ نَفسٍ أو مالٍ بلا نِزاعٍ (٣).

ضَمانُ ما أتلَفَه البُغاةُ لأهلِ العَدلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما أتلَفَه البُغاةُ لأهلِ العَدلِ، هل يَضمنونَه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَجبُ عليهِم ضَمانُ ما أتلَفوهُ لأهلِ العَدلِ، كما لا يَضمنُ أهلُ العَدلِ ما أتلَفوهُ للبُغاةِ حالَ الحَربِ؛ «لأنَّ عليًّا لم يُضمِّنِ البُغاةَ ما أتلَفُوه حالَ الحَربِ مِنْ نَفسٍ ومالٍ» (٤)، ولأنهم طائفةٌ مُتأوِّلةٌ، فلا تَضمنُ كأهلِ العَدلِ، ولأنه ذو مَنعةٍ في حَقِّنا، وأما الإثمُ فإنه لا مَنعةَ له في حقِّ الشارعِ، ولأنَّ تَضمينَهم يُفضِي إلى تَنفيرِهم عن الرُّجوعِ إلى الطاعةِ؛ لِما رواهُ عبدُ الرزَّاقِ بإسنادِه عن الزهريِّ أنَّ سُليمانَ بنَ هِشامٍ كتَبَ إليه يَسألُه عن امرأةٍ خرَجَتْ مِنْ عندِ زوجِها وشَهدَتْ على قَومِها بالشِّركِ ولَحِقتْ


(١) «البيان» (١٢/ ٢٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٥/ ١٧١).
(٣) «الإنصاف» (١٠/ ٣١٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٥٩).
(٤) ضَعِيفٌ: رواه سعيد بن منصور في «سننه» (١/ ٤٥٣)، رقم (٢٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>