اختَلفَ الفُقهاءُ في الواقفِ هل يَصِحُّ رُجوعُه عن الوَقفِ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الصاحِبانِ مِنْ الحَنفيةِ -وعليهِ الفَتوَى عندَهُم- والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَصحُّ الرُّجوعُ في الوَقفِ إذا تَمَّ؛ لأنه لازِمٌ عندَهُم إمَّا بالقَبضِ أو بالقَولِ، وقد تَقَدَّمتْ أدِلَّتُهم قبلَ قَليلٍ في حُكمِ الوَقفِ هل هو لازِمٌ أم جائِزٌ؟
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنَّ الوَقفَ غيرُ لازِمٍ كما تَقدَّمَ، ويَبقَى الوَقفُ على مِلكِه وله الرُّجوعُ عنه وبَيعُه، إلا إذا حكَمَ به حاكِمٌ أو يُعلِّقَه بمَوتِه فيَقولُ:«إنْ مِتُّ فقدْ وقَفْتُ دارِي على كذا»، أو أنْ يَجعلَه مَسجدًا ويَفرِزَه عن مِلكِه ويَأذنَ للناسِ بالصلاةِ فيه، فعِندَئذٍ لا يَجوزُ له الرُّجوعُ فيه ويَلزمُ كما تقدَّمَ بيانُه (١).
(١) «اللباب» (١/ ٦١٧)، ويُنظَر: «المبسوط» (١٢/ ٣٤)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩، ٢٠)، و «الهداية» (٣/ ١٩)، و «العناية» (٨/ ٣٥٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٢٥، ٣٢٦)، و «الاختيار» (٣/ ٤٩، ٥٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٩٧، ٩٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٤٥، ٢٤٦) رقم (١٠٩١)، و «المعونة» (٢/ ٤٨٩)، و «الذخيرة» (٦/ ٣٢٣)، و «الشرح الكبير مَعَ حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٥٥)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٧٩)، و «الإقناع» للماوردي (١١٩)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥١٥، ٥٢١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٤٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٩)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٥).