للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيعُ المُصَرَّاةِ:

المُصَرَّاةُ: هي التي جُمِعَ اللَّبَنُ في ضَرعِها فلَم تُحلَبْ أيَّامًا حتى عَظُمَ الضَّرعُ؛ لِاجتِماعِ اللَّبَنِ فيه؛ فيَراه مُشتَريها كَثيرًا، فيَزيدُ في ثَمَنِها لِذلك، ثم إذا حَلَبَها بعدَ تلك الحَلْبةِ حَلبةً أو اثنَتَيْنِ عرَف أنَّ ذلك ليسَ بلَبَنِها لِنُقصانِه كُلَّ يَومٍ عن أوَّلِه (١).

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ اشتَرَى مُصَرَّاةً مِنْ بَهيمةِ الأنعامِ وهو لا يَعلَمُ بتَصريَتِها ثم عَلِمَ، هل يُعَدُّ هذا عَيبًا يُرَدُّ به البَيعُ ويثبُتُ له الخِيارُ أو لا؟ على قَولَيْنِ:

القَولُ الأوَّلُ: هو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ وأبي يُوسفَ مِنْ الحَنفيَّةِ أنَّ هذا عَيبٌ، ومَن اشتَراها ووجَدها مُصَرَّاةً فهو بخَيرِ النَّظرَيْنِ بعدَ أنْ يَحتَلِبَها، إنْ شاءَ أمسَكَها، وإنْ شاءَ رَدَّها ومعها صاعٌ؛ لِمَا رَواه أبو هُريرةَ عن النَّبيِّ : «لا تُصِرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ، فمَنِ ابتاعَها بَعدُ فإنَّه بخَيرِ النَّظرَيْنِ بعدَ أنْ يَحتَلِبَها، إنْ شاءَ أمسَكَ، وإنْ شاءَ رَدَّها وصاعَ تَمرٍ». قالَ البُخاريُّ: ويُذكَرُ عن أبي صالِحٍ ومُجاهِدٍ والوَليدِ بنِ رَباحٍ وموسى بنِ يَسارٍ عن أبي هُرَيرةَ عن النَّبيِّ (صاعَ تَمرٍ)، وقالَ بَعضُهم عن ابنِ سِيرينَ صاعًا مِنْ طَعامٍ، وهو بالخِيارِ ثَلاثًا، وقالَ بَعضُهم عن ابنِ سِيرينَ صاعًا مِنْ تَمرٍ، ولَم يَذكُرْ ثَلاثًا، والتَّمرُ أكثَرُ (٢).


(١) «تأويل مختلف الحديث» ص (٢٢٦)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٢٣٦).
(٢) رواه البخاري (٢١٤١)، ومسلم (١١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>