وأمَّا إذا باعَه الوارِثُ قبلَ الرُّجوعِ أو وهَبَه فلا رُجوعَ له فيه؛ لأنَّ المِلكَ زالَ عمَّن يَملكُه، فصارَ كمِلكِ المَوهوبِ له إذا زالَ، فإنه يَسقطُ حَقُّ الرُّجوعِ، كذلكَ هذا، ولا ضَمانَ على الوارِثِ فيما تَصرَّفَ فيه قبلَ رُجوعِه مُسلِمًا؛ لأنه تَصرَّفَ على ظاهرِ مِلكِه كتَصرُّفِ المَوهوبِ له، وهذا كلُّه إذا لَحقَ وحُكمَ بلحاقِه، أمَّا إذا رجَعَ مُسلمًا قبلَ أنْ يُحكمَ بلحاقِه فجَميعُ أموالِه على حالِها.
تَصرُّفُ المُرتدَّةِ في مالِها حالَ ردَّتِها:
والمُرتدَّةُ إذا تَصرَّفتْ في مالِها في حالِ ردَّتِها جازَ تَصرُّفُها؛ لأنَّ مِلكَها لا يَزولُ بردَّتِها، ثمَّ هي لا تُقتلُ ولكنْ تُحبسُ وتُجبَرُ على الإسلامِ، فإنْ ماتَتْ في الحَبسِ أو لَحقَتْ بدارِ الحربِ كانَ مالُها مِيراثًا لوَرثتِها، ولا يَرثُ زوجُها منهُ شيئًا؛ لأنَّ الفُرقةَ وقعَتْ بالرِّدةِ، إلا إذا ارتدَّتْ وهي مَريضةٌ فماتَتْ مِنْ ذلكَ المَرضِ حينئذٍ يَرثُ منها؛ لأنها قصَدَتِ الفِرارَ، والزوجُ إذا ارتَدَّ وهو صَحيحٌ فإنها تَرثُ منه؛ لأنه يُقتلُ، فأشبَه الطلاقَ في مَرضِ المَوتِ (١).
وعِندَ الشافِعيةُ ثَلاثةُ أقوالٍ في بَقاءِ مِلكِ المُرتدِّ على مالِه وفي جَوازِ تَصرُّفِه:
أحَدُها: أنَّ مالَه باقٍ على مِلكِه وتَصرُّفَه فيه قبلَ الحَجرِ عليه صَحيحٌ؛ لأنَّ الرِّدةَ معنًى يُوجِبُ القتلَ، فلمْ يَزُلْ بها المِلكُ ولم يَبطلْ بها تصرُّفُه كزنَى المُحصَنِ.
(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٣٠، ٣٣٦)، و «الاختيار» (٤/ ١٧٩، ١٨١)، و «اللباب» (٢/ ٥٦٠، ٥٦٢).