للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عليٍّ قال: حَفِظتُ عن رَسولِ اللهِ أنَّه قال: «لا صُمَاتَ يَوْمٍ إلى اللَّيْلِ» (١).

قال ابنُ قُدامةَ: فإنْ نذَر ذلك في اعتِكافِه أو غَيرِه لم يَلزمْه الوَفاءُ به، بهذا قال الشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ وابنُ المُنذِرِ ولا نَعلَمُ فيه مُخالِفًا، لِما رَوى ابنُ عباسٍ قال: بَيْنَا النَّبيُّ يَخْطُبُ إذا هو بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عنه فَقَالُوا: أبو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ ولا يَقْعُدَ ولا يَسْتَظِلَّ ولا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فقال النَّبيُّ : «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» (٢)، ولأنَّه نذَرَ فِعلَ مَنْهِيٍّ عنه فلم يَلزمْه كنَذرِ المُباشَرةِ في المَسجدِ، وإنْ أراد فِعلَه لم يَكُنْ له ذلك، سَواءٌ نذَره أو لم يَنذِرْه، لِلنَّهيِ عنه، وظاهِرُه التَّحريمُ، والأمرُ بالكَلامِ ومُقتَضاه الوُجوبُ، وقَول أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ عن هذا: «لَا يَحِلُّ، هذا من عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ»، وهذا صَريحٌ ولم يُخالِفْه أحَدٌ من الصَّحابةِ فيما عَلِمناه، واتِّباعُ ذلك أوْلى (٣).

ذِكرُ اللهِ والصَّلاةُ وقِراءةُ القُرآنِ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّه يُستحَبُّ لِلمُعتكِفِ ذِكرُ اللهِ تَعالى، والصَّلاةُ، وقِراءةُ القُرآنِ، وذلك لِعُمومِ الآياتِ وصَحيحِ الأحاديثِ التي تُرغِّبُ العَبدَ


(١) رواه أبو داود (٢٨٧٣)، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٦٠٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٠٤).
(٣) «المغني» (٤/ ٢٨٦، ٢٨٧)، و «ابن عابدين» (٢/ ٤٩٤)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٩٨)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٩)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>