للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثالِثةُ: أنْ يَتباعدَ حَيضُها لغيرِ عارضٍ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ المَرأةَ إذا كانَتْ ممَّن تَحيضُ إلا أنه يَتباعدُ ما بينَ حَيضتَيها لغيرِ عارضٍ مِنْ مَر ضٍ أو رَضاعٍ أو غيرِه لم تَنقَضِ عدَّتُها حتى تَحيضَ ثَلاثَ حِيَضٍ وإنْ طالَتْ؛ لأنَّ هذهِ لم يَرتفعْ حَيضُها ولم تَتأخرْ عن عادتِها، فهيَ مِنْ ذَواتِ القُروءِ باقيةٌ على عادتِها، فأشبَهَتْ مَنْ لم يَتباعدْ حَيضُها؛ قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا نَعلمُ في هذا مُخالِفًا (١).

حتى أنَّ المالِكيةَ قالُوا: المَرأةُ إذا كانَتْ عادَتُها أنَّ القُرءَ لا يَأتيها إلا في كلِّ سَنةٍ أو أكثَرَ منها مَرةً واحِدةً فإنها لا تَعتدُّ إلا بالأقراءِ، ولا تَخرجُ بذلكَ عن كَونِها مِنْ أهلِ الأقراءِ، فتَنتظرُ العادةَ على عادتِها، خِلافًا لطاوُسٍ القائلِ باكتِفائِها بثَلاثةِ أشهُرٍ ولا تَنتظرُ الحيضَ.

ومثلُ السَّنةِ الخَمسُ سَنواتٍ، فمَن عادتُها أنْ يَأتيَها الحيضُ في كلَّ خَمسِ سَنواتٍ مرَّةً فإنها تَنتظرُ، فإنْ جاءَ وقتُ مَجيئِه وهو الخَمسُ سِنينَ ولم يَجِئْ حلَّتْ، وإنْ جاءَ انتظَرتْ وقتَ مَجيءِ الثانيةِ، فإنْ جاءَ وقتُ المَجيءِ ولم تَجِئْ حلَّتْ، وإنْ جاءَ انتظَرتْ وقتَ مَجيءِ الثالثةِ، فإنْ لم تَجِئْ أو جاءَتْ حلَّتْ.


(١) «المغني» (٨/ ٩٠، ٩١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٩١)، ويُنظَر: «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩٥)، و «أحكام القرآن» (٥/ ٣٥٢، ٣٥٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٦)، و «البيان» (١١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>