للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ نَقدِ الثَّمنِ في بَيعِ الخيارِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّه لا يَجِبُ على المُشتَري في بَيعِ الخيارِ أنْ يَنقُدَ الثَّمنَ، بل يَجوزُ له أنْ يُؤخِّرَ الدَّفعَ؛ لِاحتِمالِ الفَسخِ، ويَجوزُ له النَّقدُ اختيارًا وتَطوُّعًا، ولا يَكونُ ذلك مُبطِلًا لِلخيارِ.

ثم اختَلَفوا في حُكمِ مَنْ اشتَرطَ نَقدَ الثَّمنِ في بَيعِ الخِيارِ، هل يَجوزُ أو لا؟

فذهَب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا بَأْسَ باشتِراطِ نَقدِ الثَّمنِ وقَبضِ المَبيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ؛ لأنَّ هذا حُكمٌ مِنْ أحكامِ البَيعِ، فجازَ في مُدَّةِ الخيارِ، كالإجارةِ، ولا يَجوزُ له التَّصرُّفُ فيه.

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ اشتِراطُ النَّقدِ في بَيعِ الخيارِ، ويَفسُدُ البَيعُ باشتِراطِ ذلك، وإنْ لَم يَنقُدْ بالفِعلِ؛ لأنَّه يَصيرُ في مَعنَى بَيعٍ وسَلَفٍ، ولأنَّه إذا نقَده الثَّمنَ، ثم تَفاسَخا صارَ كأنَّه أقرَضَه؛ فيَجتمِعُ بَيعٌ وقَرضٌ.

فإنْ نقَد المُشتَري الثَّمنَ بغيرِ شَرطٍ تَطوُّعًا يَجوزُ (١).


(١) «فتح القدير» (٥/ ٤٩٩)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٤٢)، و «الكافي» (١/ ٣٤٣)، و «الذخيرة» (٥/ ٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧١)، و «بلغة السالك» (٢/ ٤٦٤)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ٣٨)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١١٠)، و «المغني» (٤/ ١٤)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>