للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يَجبُ عليه أنْ يَتصدَّقَ بشيءٍ من الأُضحيَّةِ أو لا يَجبُ؟

اختلَف الفُقهاءُ في الأُضحيَّةِ هل يَجبُ على المُضحِّي أنْ يَتصدقَ بشيءٍ منها أو يَجوزُ أكلُها كلِّها؟

فذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه أنْ يَتصدقَ بشيءٍ منها، فلو أكلَها كلَّها أجزأه؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: ٣٧]، فجعَل مَقصودَها التَّقوى بعدَ الإراقةِ دونَ الأكلِ والصَّدقةِ. ولأنَّه لمَّا كان لو أكلَ أكثرَها كان جميعُها أُضحيَّةً كذلك إذا أكلَ جميعَها (١).

وذهَب الشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّ الأكلَ والصَّدقةَ واجبان، فإنْ أكَل جميعَها لم يُجزِئْه، وإنْ تَصدَّق بجميعِها لم يُجزِئْه حتى يَجمَع بينَ الأكلِ والصَّدقةِ، لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)[الحج: ٢٨] فجمَع بينَهما وأمرَ بهما، فدلَّ على وُجوبهما، ولأنَّ رَسولَ اللهِ نحَر في حَجةٍ مئةَ بَدنةٍ، وأمرَ عَليًّا أنْ يأتيَه من كلِّ بَدنةٍ ببِضعةٍ ثم أمرَ بها فطُبخَت فأكل من لَحمِها، وحَسا من مَرقِها، فلمَّا أكَل من كلِّ بَدنةٍ مع كَثرتِها دلَّ على وُجوبِ أكلِه منها (٢).


(١) «الاختيار» (٥/ ٢٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٩١، ٤٩٢)، و «اللباب» (١/ ٣٧٥)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٩١)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٤٥)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٦، ١١٧)، و «البيان» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٦، ١١٧)، و «البيان» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>