وإنْ باعَ الأعمَى أو اشتَرَى شَيئًا لَم يَرَه فلا يَصحُّ على المَذهبِ؛ إذْ لا سَبيلَ إلى رُؤيَتِه؛ لأنَّ بَيعَ ما لَم يَرَه يَتمُّ بالرُّؤيةِ، وذلك لا يُوجَدُ في حَقِّ الأعمَى ولا يُمكِنُه أنْ يُوكَّلَ في الخيارِ؛ لأنَّه خيارٌ ثبَت بالشَّرعِ، فلا يَجوزُ الِاستِنابةُ فيه كخيارِ المَجلِسِ، بخِلافِ خيارِ الشَّرطِ.
رُؤيةُ بَعضِ المَبيعِ دونَ بَعضٍ:
وتَكفي رُؤيةُ بَعضِ المَبيعِ إنْ دَلَّ على باقيه كظاهِرِ الصُّبرةِ مِنْ حِنطةٍ ونَحوِها وجَوزٍ ونَحوِه وأدِقَّةٍ، وكأعالي المائِعاتِ في أوعيَتِها، كالدُّهنِ، وأعلَى التَّمرِ في قَوصَرَتِه، والطَّعامِ في آنيَتِه، وكذا القُطنُ المُجرَّدُ عن جَوزِه، ولو في عِدلِه؛ لأنَّ برُؤيةِ بَعضِه يَزولُ غَرَرُ الجَهالةِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ الباطِنَ كالظَّاهِرِ، ولا خيارَ له إذا رَأى الباطِنَ، إلَّا إذا خالَفَ الظَّاهِرَ بنَقصٍ، بخِلافِ صُبرةِ الرُّمَّانِ والسَّفَرجَلِ والبِطِّيخِ ونَحوِ ذلك؛ لعَدمِ الدِّلالةِ على باقيها، بَلْ يُشترَطُ رُؤيةُ كلِّ واحِدةِ منها، حتى لو رَأى أحَدَ جانِبَيِ البِطِّيخةِ كانَ كبَيعِ الغائِبِ، ولو كانَ الغالِبُ أنَّها لا تَتَفاوَتُ، كالثَّوبِ الصَّفيقِ يُرَى أحَدُ وَجهَيْه.
ولا يَكفي في مَسألةِ العِنَبِ والخَوخِ ونَحوِهما رُؤيةُ أعلاها؛ لِكَثرةِ الِاختِلافِ في ذلك، بخِلافِ الحُبوبِ.
وإنْ كانَ ممَّا يَختلِفُ ولا يَدلُّ على باقيه فإنْ كانَ ممَّا تَشُقُّ رُؤيةُ باقيه كالجَوزِ في القِشرِ الأسفَلِ جازَ بَيعُه؛ لأنَّ رُؤيةَ الباطِنِ تَشُقُّ، فسقَط اعتِبارُها، كرُؤيةِ أساسِ الحيطانِ.