للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: يَصحُّ العقدُ دُونَ الشَّرطِ، فالأظهَرُ في هذا الشَّرطِ أنه يَصحُّ، وإذا قيلَ ببُطلانِه لم يَكنِ العَقدُ لازِمًا بدُونِه، فإنَّ الأصلَ في الشَّرطِ الوَفاءُ، وشَرطُ الخِيارِ مَقصودٌ صَحيحٌ، لا سيَّما في النكاحِ، وهذا يُبنَى على أصلٍ وهو أنَّ شرْطَ الخِيارِ في البَيعِ هل الأصلُ صِحَّتُه، أو الأصلُ بُطلانُه لكنْ جُوِّزَ ثَلاثًا على خِلافِ الأصلِ؟ فالأولُ قَولُ أئمَّةِ الفُقهاءِ مالِكٍ وأحمَدَ وابنِ أبي لَيلَى وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ، والثَّاني قَولُ أبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ، ولهذا أبطَلَا الخِيارَ في أكثرِ العُقودِ النكاحِ وغَيرِه (١).

وقالَ المالِكيةُ: النكاحُ عَقدٌ لازِمٌ، لا يَجوزُ فيه الخِيارُ، وقالَ الصَّاوِي : يَلزمُ النكاحُ بمُجرَّدِ الإيجابِ والقَبولِ وإنْ لم يَرْضَ الآخَرُ ولو قامَتْ قَرينةٌ على قَصدِ الهَزلِ؛ لأنَّ النكاحَ عَقدٌ لازِمٌ لا يَجوزُ فيه الخِيارُ، إلَّا خيارَ المَجلسِ فهو مَعمولٌ به عندَنا في خُصوصِ النِّكاحِ إذا اشتُرطَ (٢).

إلَّا أنِّي لم أقَفْ على قَولٍ لهُم، هل يَبطلُ النكاحُ بذلكَ؟ أم يَصحُّ مع إبطال الشَّرطِ؟

٨ - اتِّحادُ المَجلسِ:

قالَ الحَنفيةُ: مِنْ شَرائطِ الإيجابِ والقَبولِ اتِّحادُ المَجلسِ إذا كانَ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٤٩، ٣٥٠)، و «الإنصاف» (٨/ ١٦٦).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٢٩)، ويُنظَر: «القوانين الفقهية» ص (١٣١)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٥٣)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>