للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجعةُ مِنْ حَيثُ الحُكمِ التَّكليفيِّ:

الرَّجعةُ كالنكاحِ تَجرِي عليها الأحكامُ التكليفيَّةُ: الإباحَةُ والاستِحبابُ والوُجوبُ والحُرمةُ والكَراهةُ.

الإباحَةُ: الأصلُ في الرَّجعةِ أنها مُباحةٌ، وهي حَقٌّ مِنْ حُقوقِ الزوجِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨].

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأجمَعَ العُلماءُ أنه إذا طلَّقَها في طُهرٍ لم يمَسَّها فيه لم يُجبَرْ على رَجعتِها ولم يُؤمَرْ بذلكَ وإنْ كانَ طَلاقُه قد وقَعَ على غَيرِ سُنةٍ، وإنما يُجبَرُ ويُؤمَرُ إذا طلَّقَها حائِضًا (١).

الاستِحبابُ: تُستَحبُّ الرَّجعةُ في حالةِ نَدمِ الزَّوجَينِ على وُقوعِ الطلاقِ، لا سِيَّما عندَ وُجودِ الأولادِ التي تَقتضِي المَصلحةُ وُجودَ الأبوَينِ؛ ليُدبِّروا شُؤونَهم ومَصالحَهم.

وتُستحبُّ أيضًا في غيرِ حالةِ الحَيضِ والنِّفاسِ.

الوُجوبُ: نصَّ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والمالِكيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ على أنَّ الرَّجعةَ تَكونُ واجِبةً في حالةِ ما إذا طلَّقَ الزوجُ زَوجتُه المَدخولَ بها في الحَيضِ؛ لأنه طَلاقٌ بِدعيٌّ مُحرَّمٌ، وقد أمَرَ النبيُّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمرَ بمُراجَعةِ امرأتهِ التي طلَّقَها في الحَيضِ، فعن نافِعٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنه طلَّقَ امرأتَه وهيَ حائِضٌ


(١) «الاستذكار» (٦/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>