والأَواني عنها، وكذا المُخالَطةُ ثابِتةٌ بخِلافِ الدَّجاجِ والبَطِّ؛ لأنَّهما لا يَذرِقان في الهَواءِ، فكانَت الصِّيانةُ مُمكنةً.
وخَرءُ الفأرةِ نَجسٌ لاستِحالتِه إلى خَبثٍ ونَتنِ رائِحةٍ، واختَلَفوا في الثَّوبِ الذي أصابَه بَولُها، حُكيَ عن بعضِ مَشايخِ بَلْخٍ أنَّه قالَ: لو ابتُليتُ به لغَسَلته، فقيلَ له: مَنْ لم يَغسِلْه وصلَّى فيه؟ فقالَ: لا آمُرُه بالإعادةِ، وبَولُ الخَفافيشِ وخَرؤُها ليسَ بنَجسٍ لتَعذُّرِ صِيانةِ الثِّيابِ والأَواني عنه؛ لأنَّها تَبولُ في الهَواءِ وهي فأرةٌ طيَّارةٌ، فلهذا تَبولُ (١).
١٥ - سِباعُ البَهائمِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في طَهارةِ سِباعِ البَهائمِ والطَّيرِ أو نَجاستِها.
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى نَجاسةِ سِباعِ البَهائمِ كالأسَدِ والفَهدِ والذِّئبِ والقِردِ، وإلى نَجاسةِ سُؤرِها.
وأمَّا سِباعُ الطَّيرِ فذَهَبوا أيضًا: إلى نَجاسةِ سِباعِ الطَّيرِ كالصَّقرِ والشاهينِ والحِدَأةِ والاستِحسانُ عندَهم أنَّ سُؤرَها طاهِرٌ، وفي القياسِ أنَّه نَجسٌ اعتِبارًا بلَحمِها كصَقرِ سِباعِ الوَحشِ، وَجهُ الاستِحسانِ أنَّها تَشربُ بمِنقارِها -وهو عَظيمٌ جافٌّ فلم يَختلِطْ لُعابُها بسُؤرِها- بخِلافِ سَبعِ البَهائمِ؛ فإنَّها تَشربُ بلِسانِها وهو رَطبٌ بلُعابِها، ولأنَّ في سُؤرِ سِباعِ الطَّيرِ ضَرورةً وعُمومَ بَلوى؛ فإنَّها تَنقَضُّ من عُلوٍّ وهَواءٍ وتَشربُ فلا يُمكنُ صَونُ الأَواني عنها، لا سيَّما في البَراري، إلا أنَّه يُكرهُ؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّها تَتناولُ الجِيَفَ والمَيْتاتِ.
(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٦٢)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٧٤)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٩٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute