اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ يَدَ الوَكيلِ يَدُ أمانةٍ، لا يَضمَنُ ما في يَدِه، أو ما وُكِّلَ في بَيعِه أو شِرائِه، إلَّا إذا تَعدَّى بأنْ فَعلَ ما لا يَجوزُ له فِعلُه، أو فرَّط بأنَّ تَرْكَ ما يَنبَغي عليه فِعلُه، وذلك لِأمرَيْنِ:
أحَدُهما: أنَّ المُوكِّلَ قَدْ أقامَه فيه مَقامَ نَفْسِه، وهو لا يَلتزِمُ ضَمانَ ما بيَدِه، فكَذلك الوَكيلُ الذي هو بمَثابَتِه.
والآخَرُ: أنَّ الوَكالةَ عَقدُ إرفاقٍ ومَعونةٍ، وفي تَعلُّقِ الضَّمانِ بها ما يَخرُجُ عن مَقصودِ الإرفاقِ، والمَعونةِ فيها.
إذا ثَبَتَ هذا: فإنْ دفَع إليه سِلعةً، ووكَّله في بَيعِها، وقبَض ثَمَنَها، فتَلِفَتِ العَينُ في يَدِه، أو قبَض ثَمَنَها، فتَلِفَ في يَدِه مِنْ غيرِ تَفريطٍ، لَم يَجِبْ عليه الضَّمانُ؛ لأنَّ يَدَ الوَكيلِ كَيَدِ المُوكِّلِ، فكانَ الهالِكُ في يَدِه كالهالِكِ في يَدِ مُوكِّلِه.
وَسَواءٌ كانَتِ الوَكالةُ بعِوَضٍ أو بغيرِ عِوَضٍ عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابِلةِ والشَّافِعيَّةِ في المَذهبِ.