للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِقدارُ الإطعامِ لكُلِّ يَومٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في القَدرِ المُجزِئِ مِنْ الإطعامِ لكُلِّ مِسكينٍ كلَّ يَومٍ، هل هو نِصفُ صَاعٍ أو صاعٌ -كما يَقولُ الحَنفيةُ-؟ أو مُدٌّ هاشِميٌّ -كما يَقولُ المالِكيةٌ-؟ أو مُدٌّ بمُدِّ النبيِّ كما يَقولُ الشافِعيةُ والحَنابلةُ-؟ أو أنه غَيرُ مُقدَّرٍ والرُّجوعُ فيه إلى العُرفِ -كما يَقولُ ابنُ تَيميةَ وابنُ القيِّمِ-؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الواجِبَ إخراجُه لكلِّ مِسكينٍ نِصفُ صاعٍ مِنْ بُرٍّ أو صاعٌ مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ؛ لِما رُوِي عن عُمرَ أنه قالَ ليَسارِ بنِ نُمَيرٍ: «إني أَحلِفُ أنْ لا أُعطيَ أقوامًا شَيئًا، ثمَّ يَبدُو لي فأفعَلُ، فإذا رَأيتَنِي فعَلْتُ ذلكَ فأَطعِمْ عنِّي عَشرةَ مَساكِينَ كلَّ مِسكينٍ نِصفَ صاعٍ مِنْ برٍّ أو صاعًا مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ» (١).

ورُويَ عن عَليٍّ مِثلُ ذلكَ.

أو قِيمةُ ذلكَ مِنْ غيرِ الأعدادِ المَنصوصةِ مُطلَقًا، وأمَّا في الأعدادُ المَنصوصةُ فلا يَجوزُ أداؤُها قِيمةً إذا كانَتْ أقَلَّ قَدرًا ممَّا قدَّرَه الشَّرعُ.

وإنْ كانَتِ أكثَرَ مِنْ الآخَرَ أو مِثلَه قِيمةً، حتى لو أدَّى نِصفَ صاعٍ مِنْ تَمرٍ جيِّدٍ تَبلغُ قِيمتُه نِصفَ صاعٍ مِنْ حِنطةٍ لا يَجوزُ، وكذا لو أدَّى أقَلَّ مِنْ


(١) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١٢١٩٤)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١٦٠٧٥)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ١٢١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٩٧٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>