للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الرابعُ: الأخذُ خُفيَةً:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ لتَحقُّقِ السَّرقةِ أنْ يأخُذَ السارقُ المَسروقَ على وَجهِ الخُفيةِ والاستِتارِ، فإنِ اختَطفَ المالَ أو انتَهبَه أو اختَلسَ لم يُكنْ سارِقًا ولا قطْعَ عليهِ عندَهم جَميعًا؛ لحَديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ : قالَ رَسولُ اللهِ : «ليسَ على المُنتهِبِ قَطعٌ، ومَن انتَهبَ نُهبةً مَشهورةً فلَيسَ منَّا، وقالَ: ليسَ على الخائنِ قَطعٌ» (١)، وفي رِوايةٍ: «ولا على المُختلِسِ قَطعٌ» (٢).

وفي لَفظِ ابنِ حبَّانَ: «ليسَ على مُنتهِبٍ ولا مُختلِسٍ ولا خائِنٍ قَطعٌ» (٣).

وعَلى هذا أجمَعَ العُلماءُ أنه لا قطْعَ على خائنٍ ولا مُختلِسٍ ولا مُنتَهبٍ ولا غاصبٍ؛ لأنَّ الواجِبَ قَطعُ السارقِ، وهذا غيرُ سارقٍ، ولأنَّ الاختِلاسَ نَوعٌ مِنْ الخَطفِ والنَّهبِ، وإنما يَستخفِي في ابتِداءِ اختِلاسِه، بخِلافِ السارقِ (٤).

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : وأجمَعُوا أنْ لا قطْعَ على المُختلِسِ، وانفَردَ إياسُ بنُ مُعاويةَ فقالَ: أقطَعُه.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٣٩١، ٤٣٩٢)، والنسائي (٤٩٧٣، ٤٩٧٤)، وأحمد (١٥١١٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٣٩٣).
(٣) رواه ابن حبان في «صحيحه» (٤٤٥٧).
(٤) «بدائع الصنائع» (٧/ ٦٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ٦٠)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٦٧)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>