الجِراحاتُ في سائرِ البَدنِ فيها القِصاصُ عندَ أكثَرِ العُلماءِ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: الجُرحُ الذي يُمكنُ استيفاؤُه مِنْ غيرِ زيادةٍ هو كلُّ جُرحٍ يَنتهي إلى عَظمٍ كالمُوضِحةِ في الرأسِ والوَجهِ، ولا نَعلمُ في جَوازِ القِصاصِ في المُوضحةِ خِلافًا، وهي كلُّ جُرحٍ يَنتهي إلى العَظمِ في الرأسِ والوَجهِ؛ وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالَى أوجَبَ القِصاصَ في الجُروحِ، فلو لم يَجبْ هاهُنا لَسقَطَ حُكمُ الآيةِ، وفي معنَى المُوضحةِ كلُّ جُرحٍ يَنتهي إلى عَظمٍ فيما سِوى الرأسِ والوجهِ، كالسَّاعدِ والعَضدِ والساقِ والفخذِ في قَولِ أكثرِ أهلِ العلمِ، وهو مَنصوصُ الشافِعيِّ.
وقالَ بعضُ أصحابِه:«لا قِصاصَ فيها؛ لأنه لا يُقدَّرُ فيها»، وليسَ بصَحيحٍ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنه أمكَنَ استيفاؤُها بغيرِ حَيفٍ ولا زِيادةٍ؛ لانتِهائِها إلى عَظمٍ، فهي كالمُوضحةِ، والتقديرُ في المُوضحةِ ليس هو المُقتضي للقِصاصِ ولا عَدمُه مانِعًا، وإنما كانَ التقديرُ في المُوضحةِ لكَثرةِ شَينِها وشَرفِ مَحلِّها، ولهذا ما قُدِّرَ ما فوقَها مِنْ شِجاجِ الرأسِ والوجهِ، ولا قِصاصَ فيه، وكذلكَ الجائفةُ أرشُها مُقدَّرٌ لا قِصاصَ فيه (١).