وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في روايةٍ -كما تقدَّمَ- إلى أنه لو قذَفَ جَماعةً بكَلماتٍ فلكُلٍّ منهُم حدٌّ، وكذا لو قذَفَهم بكلمةٍ واحدةٍ؛ لأنه مِنْ الحُقوقِ المَقصودةِ للآدميِّينَ، فلا تَتداخلُ كالدُّيونِ، ولدُخولِ العارِ على كلٍّ منهُم، وقَذفهُم بكلمةٍ ك:«يا بِنتَ الزانيَينِ» فهو قذفٌ لأبوَيها، وك:«أنتُم زُناةٌ»(١).
هل يَجبُ على الزَّوجِ الحدُّ إذا قذَفَ زوْجَتَه أم لا؟
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الزوجَ إذا قذَفَ زوْجَتَه ولاعَنَ أنه لا شيءَ عليهِ كما تقدَّمَ.
إلا أنهُم اختَلفُوا فيما لو قذَفَ زوْجَتَه ولم يُلاعِنْ، هل يُحَدُّ حدَّ القذفِ؟ أم يُحبَسُ حتَّى يُلاعِنَ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الزَّوجَ إذا قذَفَ زَوجتَه وجَبَ عليهِ اللِّعانُ، وللمَرأةِ أنْ تُخاصِمَه إلى الحاكِمِ وتُطالِبَه باللِّعانِ، وإذا طالَبَتْه يُجبِرُه عَليهِ، ولوِ امتَنَعَ يُحبَسُ لامتِناعِه عنِ الواجِبِ عَليهِ كالمُمتَنِعِ مِنْ قَضاءِ الدَّينِ، فيُحبَسُ حتَّى يُلاعِنَ أو يُكذِّبَ نفْسَه، وكَذا إذا التَعَنَ الرَّجلُ تُجبَرُ المَرأةُ عَلى اللِّعانِ، ولوِ امتَنعَتْ تُحبَسُ حتَّى تُلاعِنَ أو تُقِرَّ بالزِّنا؛ لقَولِه تَعالى:
(١) «الأم» (٧/ ١٥٣)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ١١٩، ١٢٠)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٧٩)، و «الإفصاح» (٢/ ١٩٤، ١٩٤)، و «المغني» (٩/ ٨٨، ٨٩)، و «الكافي» (٤/ ٢٢٣، ٢٢٤).