للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: إذا أَوصَى لوارِثِه بشَيءٍ وقالَ: إنْ لم يُجِزْ بَقيةُ الوَرثةِ له فللمَساكينِ أو نَحوِهم؛ فإنَّها تَكونُ باطِلةً، وتَرجعُ إلى الوَرثةِ مِيراثًا ولا شَيءَ للمَساكينِ؛ لأنَّه لمَّا بَدَأ بذِكرِ الوارِثِ دَلَّ على قَصدِ الضَّررِ، وما قصَدَ به الإِضرارَ لا يَمضي؛ لقَولِ اللهِ تَعالى في حَقِّ المُوصي: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ [النساء: ١٢]، وظاهِرُه البُطلانُ في هذه الصُّورةِ، سَواءٌ أَجازوا أو لا، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، وذلك لأنَّه لمَّا وقَعَت الوَصيةُ مَنهيًّا عنها لقَصدِه الضَّررَ حُكِم بفَسادِها، فلا يُبيحُها إِجازتُهم، بل إِجازتُهم ابتِداءُ عَطيةٍ فيُعتبَرُ شُروطُها -ككَونِهم رُشداءَ بلا دَينٍ- والقَبولُ والحِيازةُ.

وفي قَولٍ: تَنفُذُ إذا أَجازَها الوَرثةُ.

وأمَّا إذا عكَسَ الصُّورةَ بأنْ بَدَأ بالمَساكينِ مَثلًا بأنْ قالَ: «ثُلثُ مالي مَثلًا للمَساكينِ إلا أنْ يُجيزَه الوَرثةُ لابني زَيدٍ مَثلًا»؛ فإنَّها وَصيةٌ جائِزةٌ لابنِه إنْ أَجازَها الوَرثةُ وإلا فهي للمَساكينِ؛ لبَدئِه بهم -أي: بالمَساكينِ الذين تَصحُّ الوَصيةُ لهم- بخِلافِ السابِقةِ؛ فإنَّه بَدَأ بذِكرِ ما تَبطلُ به (١).

مَنْ له حَقُّ الإِجازةِ من الوَرثةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الإِجازةَ من الوَرثةِ لا تَصحُّ إلا من بالِغٍ عاقِلٍ، فإنْ كانَ فيهم صَغيرٌ أو مَجنونٌ لم تَصحَّ منه الإِجازةُ؛ لأنَّهما لا


(١) «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٦٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٤٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧١، ١٧٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٢، ٤٩٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣٣، ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>