للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَوابُ: أنَّه لا بدَّ معه من إلحاقِ الذُّلِّ والصَّغارِ للكُفرِ؛ والسَّببُ فيه أنَّ طَبعَ العاقِلِ يَنفِرُ عن تَحمُّلِ الذُّلِّ والصَّغارِ، فإذا أُمهِل الكافِرُ مُدةً وهو يُشاهِدُ عِزَّ الإسلامِ ويَسمَعُ دَلائِلَ صِحَّتِه، ويُشاهِدُ الذُّلَّ والصَّغارَ في الكُفرِ، فالظاهِرُ أنَّه يَحمِلُه ذلك على الانتِقالَ إلى الإسلامِ، فهذا هو المَقصودُ من شَرعِ الجِزيةِ (١).

الجِزيةُ وَسيلةٌ لهِدايةِ أهلِ الذِّمةِ:

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : قالَ العُلماءُ: الحِكمةُ في وَضعِ الجِزيةِ بَيانُ الذُّلِّ الذي يَلحَقُهم ويَحمِلُهم على الدُّخولِ في الإسلامِ مع ما في مُخالَطةِ المُسلِمينَ من الاطِّلاعِ على مَحاسِنِ الإسلامِ (٢).

قالَ الحَطابُ : وممَّا يَدلُّ على الحِكمةِ المَذكورةِ أنَّه لمَّا حصَلَ صُلحُ الحُدَيبيةِ وخالَط المُسلِمونَ الكُفارَ آمنِين أسلَم بسَببِ ذلك خَلقٌ كَثيرٌ، كما قالَ ذلك أيضًا في صُلحِ الحُدَيبيةِ، ونَصُّه:

«ولقد دخَلَ في تَينِكَ السَّنتَينِ خَلقٌ كَثيرٌ مِثلَ مَنْ كانَ في الإسلامِ قبلَ ذلك، أو أكثَرَ، يَعني مِنْ صناديدِ قُريشٍ» (٣).

وقالَ إلكيا الهِرَّاسيُّ في «أحكامِ القُرآنِ»: فكما يَقتَرِنُ بالزَّكاةِ المَدحُ والإعظامُ والدُّعاءُ له، فيَقتَرِنُ بالجِزيةِ الذُّلُّ والذَّمُّ، ومتى أُخِذت على


(١) «التفسير الكبير» (١٦/ ٢٦، ٢٧).
(٢) «فتح الباري» (٦/ ٢٥٩).
(٣) «مواهب الجليل» (٣/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>