للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلٌ: ويُقتلُ كلُّ واحِدٍ مِنْ الرَّجلِ والمَرأةِ بالخُنثَى، ويُقتلُ بهِما؛ لأنه لا يَخلُو مِنْ أنْ يَكونَ ذَكرًا أو أنثَى (١).

لا تُشترطُ المساواةُ في الذَّاتِ ولا في كَمالِ الصِّفاتِ:

ولا يُشترطُ أنْ يَكونَ المَقتولُ مثلَ القاتلِ في كَمالِ الذاتِ، وهو سَلامةُ الأعضاءِ، ولا أنْ يَكونَ مِثلَه في الشَّرفِ والفَضيلةِ، فيُقتلُ سَليمُ الأطرافِ بمَقطوعِ الأطرافِ والأشَلِّ، ويُقتلُ العالمُ بالجاهلِ، والشَّريفُ بالوَضيعِ، والعاقِلُ بالمَجنونِ، والبالغُ بالصبيِّ إجماعًا (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الحرَّ المُسلمَ يُقادُ به قاتِلُه وإنْ كانَ مُجدَّعَ الأطرافِ مَعدومَ الحواسِّ والقاتلُ صَحيحٌ سَويُّ الخَلقِ، أو كانَ بالعَكسِ، وكذلكَ إنْ تَفاوتَا في العِلمِ والشَّرفِ والغِنَى والفَقرِ والصِّحةِ والمَرضِ والقُوةِ والضعفِ والكِبَرِ والصِّغرِ والسُّلطانِ والسُّوقةِ ونحوِ هذا مِنْ الصِّفاتِ لم يمنَعِ القِصاصُ بالاتِّفاقِ، وقد دلَّتْ عليهِ العُموماتُ التي تَلَوناها، وقَولُ النبيِّ : «المُؤمنُونَ تَتكافأُ دِماؤُهم»، ولأنَّ اعتبارَ التَّساوي في الصِّفاتِ والفَضائلِ يُفضِي إلى إسقاطِ القِصاصِ بالكلِّيةِ وفَواتِ حِكمةِ الرَّدعِ والزَّجرِ، فوجَبَ أنْ يَسقطَ اعتِبارُه كالطُّولِ والقِصَرِ والسَّوادِ والبَياضِ (٣).


(١) «المغني» (٨/ ٢٣٥، ٢٣٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٧)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٧٩، ٨٠)، و «البيان» (١١/ ٣٠٣، ٣٠٤)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.
(٣) «المغني» (٨/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>