للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحَسَبِ مَفسَدَتِها في نَفْسِها، والنَّبيُّ لَم يُؤَخِّرْ ذِكرَها لِخِفَّةِ أمْرِها، ولكنَّه تَدَرَّجَ مِنْ الأسهَلِ إلى ما هو أغلَظُ مِنه … ثم ذكَر بعدَ تَحريمِ بَيعِ الأصنامِ وهو أعظَمُ تَحريمًا وإثمًا وأشَدُّ مُنافاةً لِلإسلامِ مِنْ بَيعِ الخَمرِ والمَيْتةِ والخِنزيرِ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : والصَّليبُ لا يَجوزُ عَمَلُه بأُجرةٍ ولا بغيرِ أُجرةٍ، ولا بَيعُه صَليبًا، كما لا يَجوزُ بَيعُ الأصنامِ ولا عَمَلُها (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ زَكَريا الأنصاريُّ : آلاتُ المَلاهي -كالمِزمارِ والطُّنبورِ والصُّورِ- لا يَصحُّ بَيعُها، ولو كانَتْ ذَهَبًا أو فِضَّةً؛ إذْ لا نَفْعَ بها شَرعًا، ولأنَّها على هَيئَتِها لا يُقصَدُ مِنها غيرُ المَعصيةِ، وقد حرَّم النَّبيُّ بَيعَ الأصنامِ فيما رَواه الشَّيخانِ (٣).

بَيعُ العُذرةِ والسِّرقينِ: (أي: الزِّبلِ وهو رَجيعُ ما سِوَى الإنسانِ ويُقالُ لَهُ: سِرجينُ):

اختلَف الفُقهاءُ في جَوازِ بَيعِ العُذرةِ والزِّبلِ:

فقالَ الحَنفيَّةُ: يَجوزُ بَيعُ السِّرقينِ والبَعرِ؛ لأنَّه مُباحٌ الِانتِفاعُ به شَرعًا على الإطلاقِ؛ فكانَ مالًا؛ لأنَّه يُلقَى في الأرضِ؛ لِاستِكثارِ الرِّيعِ، فكانَ مالًا، ولأنَّه فِعلُ الأمصارِ في سالِفِ الأعصارِ مِنْ غيرِ إنكارٍ؛ فلَولا إباحَتُه


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٦٧١، ٦٧٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ١٤١).
(٣) «أسنى المطالب» في شرح روض الطالب (٢/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>