للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ عادَ فتَزوَّجَها لم تَحِلَّ له حتى يُكفِّرَ، سَواءٌ كانَ الطلاقُ ثَلاثًا أم لا، وسَواءٌ رجَعَتْ إليهِ بعدَ زَوجٍ آخَرَ أم لا؛ للآيةِ، كالتي لَم يُطلِّقْها، ولأنَّ الظهارَ يَمينٌ مُكفّرةٌ، فلم يَبطلْ حُكمُها بالطلاقِ كالإيلاءِ (١).

ثالِثًا: كفَّارةُ الظِّهارِ على التَّراخِي:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ والمالِكيةُ والشافِعيةُ على الصَّحيحِ على أنَّ كفَّارةَ الظِّهارِ واجِبةٌ على التَّراخِي، فلا يَأثمُ بالتَّأخيرِ عن أوَّلِ أوقاتِ الإمكانِ، فيَجوزُ له تأخِيرُها لَكنْ بشَرطِ إخراجِها قبلَ العَودِ.

قالَ الحَنفيةُ: كفَّارةُ الظِّهارِ واجِبةٌ على التَّراخِي على الصَّحيحِ؛ لكَونِ الأمرِ مُطلَقًا، حتى لا يأثَمُ بالتَّأخيرِ عَنْ أولِ أوقاتِ الإمكانِ ويَكونُ مُؤدِّيًا لا قاضِيًا، ومعنَى الوُجوبِ على التراخِي: هو أنْ يَجبَ في جُزءٍ مِنْ عُمرِه غيرِ عَينٍ، وإنَّما يَتعيَّنُ بتَعيينِه فِعلًا، أو في آخِرِ عُمرِه بأنْ أخَّرَه إلى وَقتٍ يَغلبُ على ظنِّه أنه لو لم يُؤدِّ فيه لَفاتَ، فإذا أدَّى فقدْ أدَّى الواجِبَ، وإنْ لم يُؤَدِّ حتى ماتَ أثِمَ؛ لتَضييقِ الوُجوبِ عليهِ في آخِرِ العُمرِ، وهل يُؤخَذُ مِنْ تَركتِه؟ يُنظَرُ: إنْ كانَ لم يُوصِ لا يُؤخَذُ ويَسقطُ في حَقِّ أحكامِ الدُّنيا كالزَّكاةِ والنَّذرِ، ولو تبَرَّعَ عنه وَرثتُه جازَ عنهُ في الإطعامِ والكِسوةِ وأطعَمُوا ستِّينَ


(١) «المغني» (٨/ ١٣، ١٤)، و «الكافي» (٣/ ٢٦٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٠٥، ٥٠٦)، و «المبدع» (٨/ ٤٢، ٤٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٣٥)، و «زاد المعاد» (٥/ ٣٣٤، ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>