للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صور هذا النَّوعِ مِنْ القَتلِ عندَ الفُقهاءِ الَّذينَ قالُوا أنه عَمدٌ:

لهذا النَّوعِ مِنْ القَتلِ عِدَّةُ صُورٍ أدرَجَها الجُمهورُ في حُكمِ قَتلِ العَمدِ، ومِن هذهِ الصُّورِ ما يلي:

أحَدُها: أنْ يَضربَه بمُثقَّلٍ كَبيرٍ يَقتلُ مثلُه غالِبًا:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنَّ الإنسانَ إذا ضرَبَ غيرَه بمُثقلٍ كَبيرٍ يَقتلُ مِثلُه غالبًا -سَواءٌ كانَ مِنْ حَديدٍ كاللَّتِ والسِّندانِ والمِطرقةِ، أو حَجرٍ ثَقيلَ أو خَشبةٍ كَبيرةٍ- فماتَ ففيهِ القِصاصُ وهو قَتلُ عَمدٍ؛ لِما رَوى أنسٌ «أنَّ يَهوديًّا قتَلَ جارِيةً على أوضَاحٍ لها فقتَلَها بحَجرٍ، فجِيءَ بها إلى النبيِّ وبها رَمقٌ فقالَ: أقتَلَكِ فُلانٌ؟ فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ قالَ الثانِيةَ، فأشارَتْ برَأسِها أنْ لا، ثمَّ سَألَها الثالِثةَ، فأشارَتْ برَأسِها أنْ نَعمْ، فقتَلَه النبيُّ بحَجرَينِ» (١)، ولأنه يَقتلُ غالِبًا، فأشبَهَ المُحدَّدَ.

وعن عَمرِو بنِ دِينارٍ أنه سَمعَ طاوُسًا عن ابن عبَّاسٍ عن عُمرَ أنه سَألَ عن قَضيةِ النبيِّ في ذلكَ، فقامَ حمَلُ بنُ مالكِ بنِ النابِغةِ فقالَ: «كُنْتُ بينَ امرَأتينِ فضرَبَتْ إحداهُما الأُخرى بمِسطحٍ فقتَلَتْها وجَنينَها، فقَضَى رَسولُ اللهِ في جَنينِها بغُرَّةٍ وأنْ تُقتلَ بها» (٢)، قالَ أبو عُبيدٍ:


(١) أخرجه البخاري (٦٤٨٥)، ومسلم (١٦٧٢).
(٢) صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٥٧٢)، والنسائي (٤٧٣٩)، وابن ماجه (٢٦٤١)، وأحمد (١٦٧٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>